نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

Untitled 1

دوات المصرية

(دوا) لفظ مصري قديم متعلق ببزوغ النور والضياء والتسبيح والصلاة والدعاء للآلهة، خاصة إله الشمس رع. وقد بينا معاني (دوأ) بالنسبة للتقديس والتعبد والتمجيد للآلهة المصرية القديمة في موضوع (هل اسم داود من جذر دوأ المصري القديم؟).

 ونحاول هنا فهم وتوضيح لفظة (دوأت)، لأنها قد تكون من نفس الأصل اللغوي لاسم (داود) ولاسم الوادي المقدس (طوى).

 وكلمة (دوأت) المصرية احتار علماء اللغة المصرية القديمة في معناها الدقيق بل واختلف قدماء المصريين أنفسم في تحديد1 مكان الدوات. فمن جذر (دوا) اشتق اسم (دوات) وهو عالم الآخرة أو عالم القداسة والطهارة والحقيقة والنقاء والروح (كذلك يسمونه العالم السفلي وعالم الموتى).

[دُوَاوُ، مُدْوَاوُ، دُوا، اسم لمحل في الديانة المصرية وله عدة معان منها محل النجوم ومحل الارواح وجهنم والهاوية والدنيا السفلى والجو السفلي ومسكن الجان/ بغية الطالبين في علوم وعوائد وصنائع واحوال قدماء المصريين، أحمد بك كمال (ص 340)].

الدوات (عالم ما بعد الموت) أو العالم الآخر (العالم المقدس، العالم الروحاني). ويعرّف القاموس المصري الهيروغليفي AN EGYPTIAN HIEROGLYPHIC DICTIONARY, WALLIS BUDGE  كلمة (دوات) في صفحة (871-872)، بأنه اسم قديم لأرض الموتى وللعالم الآخر:

وعالم الدوات لدى قدماء المصريين هو المكان الذي تعبر فيه الشمس (بعد أفولها وغروبها) أثناء الليل لمدة 12 ساعة، ثم تخرج الشمس منه أثناء بزوغها وشروقها في الصباح2

  و(دوات) مكان افترضت بعض ترجمات النصوص المصرية أنه (تحت الأرض، أسفل الأرض)، ولكن يقول والس بدج أن عالم دوات ليس أسفل الأرض3. وقيل أن (دوات) عالم سماوي، أو عالم الأثير (خارج الكون المرئي)، أو هو عالم روحاني مقدّس.

 

(ص 865 ، القاموس المصري الهيروغليفي)

 

 

من معاني جذر دوا المصري

(1) متعلق بالنور والضياء والفجر والصبح

دوأ : الصباح ، صباح الغد  ص 870 /

الفجر، الصباح الباكر  ، ص 870/

كوكب الصبح  ، ص 870/

نجم الإله  ، ص 871/

(القاموس المصري الهيروغليفي)

 

 

 

(2) متعلق بالخلو والفراغ

وهذا يشبه الفعل العربي (طوى) الذي فيه معنى الخلو والفراغ [اللسان: طاوٍ وطَوًى أَي خالي البَطنِ جائع /نجعة الرائد – اليازجي: طِوىً ... إِذَا خَلا جَوْفُهُ/ تاج العروس : وأرْض دَوِئةٌ: خالِيَةٌ/ مشارق الأنوار - القاضي عياض: أَرض دوية ... هِيَ القفر الْخَلَاء من الأَرْض منسوبة إِلَى الدو وَهُوَ القفر]

(ص 872 ، القاموس المصري الهيروغليفي)

 

 

(3) متعلق بالموت

وهذا يشبه الفعل العربي (دوى) هلك: [تركت فلانا دوى ما أرى به حياة/ دوي يدوى دوى، فهو دو إذا هلك بمرض باطن/ اللسان]

(ص 872 ، القاموس المصري الهيروغليفي)

 

 

(4) متعلق بالقداسة

(زيت مقدس، ص 872، القاموس المصري الهيروغليفي)

 

 

وصف دوات بأنها الأرض الطاهرة والمقدسة

(تا وعب= الأرض الطاهرة، ص 816 ، القاموس المصري الهيروغليفي)

 

(تا صسر؟= الأرض المقدسة،  ص 817 ، القاموس المصري الهيروغليفي)

هذا غير ما ذكرناه في موضوع (هل اسم داود من جذر دوأ المصري القديم؟) من معان أخرى لجذر (دوأ) كالغناء والنشيد والدعاء والتبجيل والعبادة والصلاة والتسبيح وغيره.

ما نريد قوله أن هناك احتمال (وقد يكون خطأ) أن اسم داود متعلق لغوياً بجذر (دوأ) المصري القديم حيث أن هذا الجذر (دوأ) فيه معاني الخفاء والروحانية والقداسة والطهارة والنقاء (الفراغ والخلو) والخلوص ...الخ. وهذا نفس معنى التسبيح والتقديس الذي نظنه في اسم داود. كما قد يتعلق هذا الجذر المصري (دوأ) بكلمة (طوى) التي جاءت بالقرآن اسماً للوادي المقدس.


 [1] هذا المكان لم يتفق كتاب النصوص على موقعه الفعلي ولكنهم من البداية وحتى النهاية مهما كانت الأفكار التي خامرتهم عنه كانوا يدعونه توات Tuat ، ص 199، آلهة المصريين، والس بدج، ترجمة محمد حسين مؤنس
[2] مهما كانت الدلالات الخاصة بكلمة دوات ... فمن الثابت أن في البداية كانت تعتبر المكان الذي تمر من خلاله الشمس الهالكة رع بعد غروبها أو موتها في كل مساء في رحلتها الى الجزء الذي تشرق فيه من السماء مجددة كل صباح. ، ص 199، آلهة المصريين، والس بدج، ترجمة محمد حسين مؤنس.
[3] كانوا يدعونه توات Tuat، هذه الكلمة تترجم عموما إلى العالم السفلي ولكن فليكن من المعلوم بجلاء أن هذا العالم لا يعني عالم أسفل عالمنا وأن هذه الترجمة قد شاعت لأن المعنى الحقيقي للكلمة غير معروف فهي قديمة جدا، ص 199، / من نصوص الاسرة 19 علمنا أن توات لا تقع أسفل أرضنا ولكن بعيد خلف الأرض – ممكن في السماء- وبالتاكيد قرب الجنة حيث تسكن الآلهة. ص 200، آلهة المصريين، والس بدج، ترجمة محمد حسين مؤنس

حامد العولقي