نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

كنية ابن كذا

 كثير من أسماء الأعلام التاريخية التي تبدو بصيغة (ابن فلان)، قد لا يكون فيها (فلان) اسم رجل. فالعرب قد يسمّون إنساناً (ابن كذا)، وهم لا يريدون بكلمة (كذا) اسم رجل، ولكن أرادوا صفة أو حالاً أو عملاً. فالعرب القدماء قد ينسبون الإنسان إلى صفته وحاله وفعله وعمله، وليس إلى بشر أنجبه. فهم عندما سموه (ابن فلان) أو (ابن كذا) كأنهم قالوا أن اسمه هو (ابن تلك الصفة التي فيه، ابن ذلك الحال الذي هو عليه) أو (ابن ذلك الفعل الذي يفعله، ابن ذلك العمل الذي يعمله).

 

المخصص - ابن سيده :قالوا لكل من أُضيف إلى شيء أو علم شيئا أو أطاق شيئا أو تشهَّر به أو نُسِبَ إليه هو ابن كذا/العرب تقول لكل من قام بشيء وتكفل به هو ... وربما قالوا ابن كذا

معجز أحمد : العرب يقولون: فلان ابن كذا وأبو كذا إذا كان من أهله، وملازماً له

خزانة الأدب – البغدادي : يقال فلان ابن كذا بمعنى أنه ملازم له

المعجم الوسيط  : وتكني العرب بابن كذا عن ملازمه

شرح ديوان المتنبي – الواحدي : العرب تقول لكل من لزم شيأ انه ابنه

مفردات القرآن ـ للراغب : ويقالُ لكلِّ ما يَحْصَل مِن جِهَتِه شَيء أَو مِن ترْبِيَتِه أَو تَثْقِيفِه أَو كَثْرة خدْمَتِه له وقِيامِه بأَمْرِه هو ابْنُه

معجم الفروق اللغوية للعسكري : الابن يفيد الاختصاص ومداومة الصحبة

المزهر– السيوطي: وقد يُكْنَى بالابن كما يُكْنَى بالأب في بعض الأشياء لمعنى الصاحب

 

 

أمثلة

أشهر كلمة في هذا المعنى هي (ابن السبيل) [وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ (26) الإسراء]. بنو أمل، بنو الآداب، أبناء الآخرة، ابن بطنه، بنو البعد، ابن البحار، ابن بأس، ابن التّاريخ (ولد سنة الهجرة/ المخصص)، بنو التقوى، ابن تجارب، بنو الثغر، ابن جَلا، بنو الجن (يشبهون الجن في جرأتهم/ المرصّع لابن الأثير)، بنو الجود، بنو الجهل، أبناء الجنة، ابن الحرب (ويقال للشجاع ابن الحرب/ المرصّع)، ابن أحْذار، ابن حاجته، بنو الحَزم، بنو الحشية واللحاف، بنو الحملة والكرّ، ابن حَوْب (ابنُ حَوْبِ رجلٌ مَجْهودٌ مُحْتاجٌ لا يَعْنِي في كلِّ ذلك رجُلاً بعَيْنِه إِنما يريدُ هذا النوعَ/ لسان العرب)، ابن خلاوة (وابن خلاوة: البرئ من الشيء/ جمهرة الأمثال - العسكري)، ابن الخمر، بنو خير وشر، بنو الدّنيا، بنو الدين، بنو الرحيل، أبناء الرذائل، بنو الرجاء، ابن الإسلام، ابن سفر، ابن السخاء، ابن السيوف، ابن السَّوء، بنو الشرك، بنو الشحناء، ابن الصوارم والقنا، ابن صدق، أبناء الصَّليب، ابن الضراب، بنو الضعف، بنو الضغائن، ابن الطريق، ابن الطعان، بنات طارق (الشريفات كأنهن بنات النجم والكوكب)، ابن الطَّيْلَسَان (الأعجمي)، بنو المطالب، ابن الظلام، بنو الظرف، ابن العلم، بنو العداوة، بنو العافية، بنُو الغَمّ والأذى، بنو فضلات الموت، أبناء الفضائل (الحكماء)، ابن فرجه، ابن الفيافي، ابن قول (الفصيح)، بنو القملة، ابن القوافي، بنو القليل، ابنة اقْعُدي وقُومي، بنو الكتيبة، ابن كريهة، بنو الكفاح، أبناء المكارم، أبناء هذه الكأس، أبناء الكفر، ابن لؤم، أبن اللقاء، بنو اللذات، أبناء ملحمة، بنو اللهو، بنو اللطف، بنو اللعن، ابن كلِّ منية، ابن موت، ابن المجد، ابن مال، أبناء نَخْل وحيطان ومَزْرَعة، بنو النّعمة، بنو نوم (الناس)، ابن نقص، ابن النار، ابن الندى، ابن النُفايَة، بنو النفاق، بنو النجوم، بنو الوغى، ابن الوفاء، ابن وجهين، ابن مودّة، ابن هَمّ، ابن هُمُوم، ابن هيجاء، ابن الهدى، بنو الهوى، ابن الأيام (حنكته التجارب)، ابن يومه (لا يتفكر في غده)، ابن اليأس.

 

الفائدة

لكي نفهم العديد من أسماء الأعلام التاريخية المبكرة فهماً صحيحاً، علينا أن ننتبه إلى أن أقدم الذين أطلقوا ذلك الاسم على صاحبه ربما أرادوا أن ينسبوا صاحب الاسم إلى صفته وفعله وحاله، فسمّوه (ابن تلك الصفة، ابن ذلك الحال، ..) كما رأينا في الأسماء أعلاه. ولكن فيما بعد أخطأ الرواة المتأخرون فظنوا صاحب الاسم منسوباً إلى والده البشري، وتبعناهم في ذلك.

 

حامد العولقي