هامان مشتق من اسم آمون
الموضوع باختصار ...
هامان هو الرجل الثاني بعد فرعون (زمن الدولة الحديثة). ويبدو أنه سُمّي باسم هامان نسبة للإله المصري آمون أو نسبة لبيته (معابد آمون). وآمون كان أعظم آلهة مصر (عصر الدولة الحديثة)، وكهنته أعظم كهنة مصر (مقاماً ونفوذاً وسيطرة). فكما كان الاسم فرعون في الأصل اسم قصر الملك ثم أصبح يطلق على الملك، كذلك الاسم هامان (= آمون) في الأصل اسم الإله آمون أو بيته (معابده)، ثم لعله أصبح يطلق على أكبر كاهن لآمون. فالفرعون (مثل رمسيس 2) يمثل بيت الملك (القصر والسياسة والحكم)، وهامان (= أكبر كهنة آمون) يمثل بيت الإله (المعابد والدين). أي أن فرعون (= مثل رمسيس2) وهامان (= أكبر كهنة آمون)، يمثلان أعظم بيتين (القصر والمعبد) في مصر القديمة (زمن الدولة الحديثة وهو زمن موسى عليه السلام).
هل يوجد أكثر من هامان كما يوجد أكثر من فرعون؟
من المعروف أن اسم فرعون، هو لقب استعمله العديد من الفراعنة. فهل أيضاً الاسم هامان، هو لقب استعمله العديد من الأشخاص؟ إن صح هذا الاحتمال، فإنه إذن كان يوجد في فترة المملكة الحديثة أكثر من هامان.
من أين أتى اللقب هامان؟
يبدو أن بداية استعمال (اسم هامان) تشبه بداية استعمال (اسم فرعون). ثم لعل ما آل إليه استعمال الاسمين فيما بعد، أيضاً متشابه.
فمن المعروف في النقوش المصرية القديمة أن كلمة (بر - عا) كانت في البداية تُستعمل بمعنى (البيت الكبير) أي قصر الملك.
(هذا كان في البداية، في الأزمنة القديمة)
ثم بعد زمن طويل، أصبحت كلمة (برعا) تُطلق على الملك نفسه (حدث ذلك لأول مرة في زمن المملكة المصرية الحديثة التي عاش فيها موسى).
(هذا حدث لأول مرة في زمن الدولة الحديثة، قبيل زمن موسى)
فالملك المصري (قبيل زمن موسى وبعده) أصبح لقبه هو: (برعا) حسب لسان مصر القديم، أو (فرعه) حسب لسان كنعان وأرام كما في هذا النقش الذي بعد زمن موسى بنحو 6 قرون [ نقش سقّارة (600ق.م): ال مرا ملكن فرعه ... فرعه ك يومى شمين ... مرا ملكن فرعه/ ص 168/ الكتابة من أقلام الساميين إلى الخط العربي، د. سيد فرج راشد/ والمعنى: إلى سيد الملوك فرعون]، أو (فرعون) بالعربية.
فاللقب فرعون هو لقب
عام للملك المصري
(في زمن الدولة الحديثة وما بعدها)،
مثل ألقاب ملوك الأمم الأخرى (كسرى،
قيصر، نجاشي، تُبّع، قيل، خاقان، خان، شاه، امبراطور، ...).
بل قيل أن كلمة فرعون
(= برعا)، أطلقها المصريون القدماء
أيضاً على
رجل وتابع الفرعون، كما
أطلقوا لفظ فرعون الملك
(= برعا ن نسوت)
أيضاً على الموظف:
ص 238/ القاموس الهيروغليفي المصري، لوالس بدج
والآن ... هل قصة اسم هامان مثل اسم فرعون؟
لعله قد حدث نفس الأمر مع كلمة هامان. فالاسم هامان (الذي يحتمل أن يكون لقب كبير كهنة آمون) بدأ ظهوره في الدولة الحديثة أيضاً. فقد يكون هامان اسم أو لقب عام مثل عمومية اللقب فرعون. فالاسم (هامان) يذكّرنا باسم إله مصر الأعظم في ذلك الزمن (ملك آلهة مصر) وهو الإله (آمون) أو اسمه المركّب المدمج مع الإله رع (آمون رع).
اسم آمون وصورته كما في النقوش المصرية القديمة
فلعل أعظم شخص بعد الفرعون (الوزير الأول للفرعون أو الرجل الثاني في الدولة)، كان لقبه الكامل هو (كبير كهنة آمون) أو كما بالمصرية القديمة (حم نتر تبي ن امن):
ثم مع الزمن، لعل المصريين اختصروا اسم هذا الكاهن الأكبر إلى ما يشبه اسم (آمون) فقط، أو كما اسمه بالعربية (هامان).
فكما أصبح الملك المصري يسمى باسم البيت الكبير (بر عا)، لعله كذلك أصبح كبير كهنة الإله آمون يسمى باسم بيت آمون (بر آمون) وهو معبد الكرنك أو (معابد آمون) عموماً.
رسم توضيحي لافتراض واحتمال تحول اسم معبد
آمون إلى اسم هامان
فالملك المصري (قبيل زمن موسى) أصبح اسمه فرعون. وكلمة فرعون أو برعا، كانت في الأصل (قبل زمن الدولة الحديثة) تعني القصر الملكي. لكن مع الزمن، أصبح الذي يسكن أو يرأس القصر (برعا) اسمه أيضاً برعا (كذلك رأينا أن موظف القصر وتابع الملك أيضاً اسمه فرعون، وكأن كل من انتمى إلى القصر الملكي يتسمى باسم القصر). ولعل الكاهن الأكبر لآمون حدث معه نفس الأمر. فربما أصبح مع الزمن اسم الذي يسكن أو يرأس بيت آمون (بر آمون) أو معابد آمون، أن سمّاه الناس (بر آمون) أو (ممثل آمون) أو اختصاراً (آمون)، أو كما بالعربية (هامان).
ولتوضيح الأمر، كأن الملك أصبح اسمه (ذا
القصر) أو (صاحب القصر) ثم اختصاراً (القصر). ومثله حدث
لأكبر رجل دين،
أصبح اسمه (ذا آمون) أو (صاحب آمون) أو اختصاراً (آمون). أو بتعبير آخر
أصبح حاكم البرعا
(برعا = القصر في الأصل)
اسمه (برعاوي/فرعاوي) أو (فرعوني) أو فرعون، وكذلك أصبح حاكم
بر آمون
( بر آمون = بيت آمون أو بيوته)،
اسمه (بر آموني) أو (آموني) أو هامان
(بالعربية).
فإن صح هذا الافتراض، فاسم هامان
(الذي افترضنا أصله آمون)
لم يكن اسماً فريداً خاصاً شخصياً للرجل
الثاني بعد الفرعون رمسيس. وإنما هامان لقب رسمي عام، معناه (أعظم كاهن لأعظم إله
مصري يعبده المصريون القدماء في ذلك الوقت وهو الإله آمون). فالرجل الأول في مصر كان ذا القصر أو
كبير القصر (وهو فرعون ويعتبر نفسه ابن آمون)، والرجل الثاني كان ذا المعبد أو كبير
المعبد (وهو هامان). فكأن
الرجلين فرعون وهامان يرمزان للثنائي الشهير وهما
أعظم بيتين في
مصر القديمة (القصر والمعبد)
والذي عرفته أيضاً كل الحضارات القديمة.
فالبيتان الحاكمان
لمصر هما (القصر) و(المعبد)، ممثلان بكبيريهما ورأسيهما الفرعون
(الملك وأعظم رجل في الدولة)
وهامان
(أعظم كاهن لأعظم إله في الدولة).
فالإله
آمون (وهو أعظم إله مصري في ذلك الزمان، ولنسمه هامان) هو الحاكم الحقيقي لمصر، متجسداً في ابنه الفرعون
(الفرعون أيضاً
= الكاهن الأول لكل إله مصري)، ومتجسداً أيضاً في الذي يوحي إليه وهو كاهنه الأول
هامان. فالفرعون يمثل القصر (برعا) ولذلك
سُمّي باسمه، وهامان يمثل المعبد
(بيت آمون) ولذلك سُمّي باسمه (الذي
اُختصر إلى آمون أو هامان).
وقريب من ذلك يمكن أن يقال عن قارون (وإن لم يكن وزير مالية الفرعون). ولكن أظن
اسمه أيضاً لقب بمعنى الجامع (أي للمال). فقارون كان أعظم تاجر أو غني في ذلك
الزمان، فلقبه الناس بلقب قارون (بمعنى الذي جمع الكثير)/ [الصحاح : قَرَيْتُ الماء
في الحوض، أي جمعت]. ونجد وزن اسم قارون مثل وزن اسم هارون (كأنها إحدى صيغ وزن
الفاعل).
حامد العولقي
نسخة pdf مفصلة لموضوع هامان مشتق من اسم الإله آمون