نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

عرض فرعون الميّت على النار قبل يوم القيامة

الموضوع باختصار ....

حول معنى الآية [النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا (46) غافر]. ذكر القرآن أن الفرعون غرق و(مات). والميّت كما بالقرآن وكما هو معروف واقعاً: (ليس حيّاً فلا يشعر ولا يعلم). ولكن رغم ذلك، يُعرض الله الفرعون الميّت (قبل يوم القيامة في هذه الدنيا طيلة فترة موته) على النار ليل نهار (غدواً وعشياً) إلى يوم القيامة.
فلماذا يضع الله إنساناً ميّتاً (لا يشعر ولا يعلم بالعذاب)، أمام النار؟ فهذا الفرعون (ميّتلا يرى ولا يسمع ولا يشعر ولا يعلم ولا يحس، فلماذا يعرضه الله أمام النار (يضع الله هذا الميّت قدام النار ويتركه أمامها)؟ ما الفائدة من ذلك وما الحكمة؟
وتفسير ذلك قد يكون أن بعض الناس (وهم الأشد كفراً) لن يحظوا بالوقوف أمام الله يوم القيامة ليحاسبهم ويكلمهم وينظر إليهم كما أشارت لذلك بعض الآيات [كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) المطففين/ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (174) البقرة/ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (77) آل عمران]. فهؤلاء ممنوعون من الحضور أمام الله (محجوبون محظورون).
لذلك وضع الله هذا النوع من الكفار (قبل يوم القيامة) مباشرة أمام جهنم (رغم أنهم أموات لا يشعرون)، لأنهم أول ما يبعثهم الله (يحييهم) يوم القيامة، سيجدون أنفسهم أمام جهنم (عندها أو غير بعيدين عنها). فهؤلاء (أئمة الكفر كفرعون) يختلفون عن بقية الكفار العاديين (الذين سيكلمهم الله ويحاسبهم ويحاكمهم ويدافعون عن أنفسهم ثم بعد ذلك يذهبون إلى جهنم بعد انتهاء المحاكمة وبعد صدور الحكم عليهم).
فهناك فئة من الكفار وهم العتاة وأئمة الكفر وأشدهم محاربة لدين الله، لن تتوفر لهم فرصة الحضور أمام الله والتخاطب معه ليحاسبهم ويكلمهم ويخاصموا عن أنفسهم (قبل الحكم عليهم بجهنم). هذه الفئة من الكفار (كفرعون)، قد حكم الله عليهم مسبقاً بجهنم وحجبهم عنه (بمعنى لن ينالوا فرصة أن يكلمهم الله ويدافعوا عن أنفسهم). فالحكم عليهم قد صدر (عندما كانوا بالدنيا)، ولم يبق إلا التنفيذ (لا توجد محاكمة تنتظرهم). [كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) المطففين]
وهذا سبب عرض فرعون على النار (في الدنيا)، أي وضعه أمامها، رغم أنه ميّت. فالفرعون لم يكن ينتظر أي محاكمة (حرمه الله من هذه الفرصة)، بل كان فقط ينتظر تنفيذ الحكم فيه والعذاب. فهو عندما يحيى (يوم البعث أي يوم القيامة)، لن يذهب كغيره إلى المحاكمة (لأنه الله قد حكم عليه بالنار سلفاً عندما كان بالدنيا)، وإنما سيذهب مباشرة إلى جهنم (إذ عندما تعود له الحياة يوم القيامة، سيرى نفسه أمام جهنم غير بعيد عنها)

 

وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) غافر

 

عرض الشيء على الشيء

لكي نفهم الآية الكريمة ونفهم كيف يُعرض فرعون على النار وهو ميّت، علينا بداية أن نعرف معنى (عرض الشيء على الشيء).

فمثلاً الآية الكريمة [ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ (31) البقرة]، فيها أن الله عرض مخلوقات الأرض على الملائكة، أي جعل مخلوقات الأرض أمام الملائكة (كأن المخلوقات واقفة أمام الملائكة أو مارّة أمامهم). وعلى سبيل التوضيح، كأن الله جاء بأسد أو بجبل أو بشجرة أو ببحر ثم وضعه قدام الملائكة. فالمعروض مثلاً هو الأسد، فكأن الله جعل الأسد يقف أمام الملائكة أو يمر أمامهم.

وهذا مثل عرض الجيش على القائد أو الملك، أي أن الجيش واقف أمام القائد أو يمشي أمامه، فالجيش معروض [وعامّة الجند ... وهو يوم عرضهم على السلطان/ صبح الأعشى]، [ولما تكاملت الرجال والفرسان عرضهم على الملك/سيرة عنترة]. أو الناس معروضون على آدم [ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك/ الطبقات الكبرى]. أو ناس معروضون على الرسول [ناس من أمتي عُرِضُوا عَلَيَّ غزاة في سبيل الله/ موطأ مالك].

وأيضاً مثل عرض البائع السلعة على الزبون، أي أن البائع مثلاً يضع الثلاجة أو السيارة أمام الزبون (يجعلها واقفة ظاهرة بارزة مرئية أمامه). فالبضاعة معروضة.

أو مثل عرض المريض على الطبيب، أي أن المريض يكون أمام الطبيب (كأنه واقف أمامه)، فالمعروض هو المريض [كانت لي ابنة أصابها في عينها شيء، ...  إني كرهت عرضها على الطبيب وكشفها عليه/ ترتيب المدارك وتقريب المسالك].

وأيضاً ننظر في الآية الكريمة [وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (48) الكهف]. فنفهم أن الناس أوقفهم الله أمامه (جعلهم الله يقفون أمامه)، أي وضعهم أمامه. فالمعروضون هم الناس [{وَعُرِضُواْ على رَبّكَ صَفَّا} مصطفين ظاهرين ترى جماعتهم كما ترى كل واحد لا يحجب أحد أحداً شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان/ تفسير النسفي].

 

عرض الإنسان الحي على النار

والآن بعد أن عرفنا (معنى عرض الشيء على الشيء)، نتقدم إلى معنى عرض الإنسان الحي على النار. وهذا يبدو أمراً واضحاً سهلاً مفهوماً. فالشخص الحي عندما يُعرض على النار (أي يضعونه أمام النار أو يجعلونه يقف قدام النار)، فالغرض والغاية من ذلك إما لتخويفه (وذلك لأن هذا الشخص الحي سيشعر بقربه من النار وبحرّها، يراها ويخاف منها، خاصة إذا ظن أنه سيُلقى فيها) وإما لقذفه بعد ذلك فيها (تعذيبه أو قتله). فهو إنسان حي يشعر ويعلم ويرى، فعندما يقف أمام النار سيعتريه الخوف والغمّ، خشية أن يحترق، وإذا دخلها فسيكون العذاب الشديد قبل أن تقضي عليه النار (هذا في الدنيا).

وهذا المعنى (عرض الحي على النار)، نجده في مثل هذه الآيات [ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا (45) الشورى / وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ (20)، (34) الأحقاف ]. أي أن الله يوم القيامة سيجعل الكفار الأحياء يقفون قدام النار (ثم بعد ذلك يدخلونها). وهذا قريب من معنى الآية [وُقِفُوا عَلَى النَّارِ (27) الأنعام].

وهناك تعبير شبيه جاء في قصة أصحاب الأخدود وهو [عَرَضَهم على أخاديد]. فالملك الحميري ذو نواس عرض أهل نجران على النار (حفر مشتعلة بالنيران)، أي جعلهم يقفون أمام تلك الحفر النارية المشتعلة [فبلغه عن أهل «نجران» أنهم قد دخلوا في النصرانية ... فسار إليهم بنفسه حتى عرضهم على أخاديد احتفرها في الأرض، وملأها جمرا، فمن تابعه على دينه خلى عنه، ومن أقام على النصرانية قذفه فيها/المعارف لابن قتيبة].

 

 

عرض الميت على النار

عرفنا معنى (عرض الشيء على الشيء) وعرفنا (عرض الإنسان الحي على النار)، فهل أصبح واضحاً لدينا معنى الآية التي تذكر عرض آل فرعون بعد غرقهم على النار [النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا

المشكلة التي قد تعكّر علينا الفهم هي أن هذا الإنسان (فرعون أو أحد الذين معه) المعروض على النار، هو ميّـت. وعرض الإنسان الميت على النار يختلف عما سبق. فالإنسان المعروض على النار ليس حياً حتى نقول أنه الآن واقف أمام النار يراها ويشعر بها ويعلمها ويخاف من إلقائه فيها، ثم هو يدرك أنه بعد قليل سوف يُرمى فيها. فإذن ما معنى أن يؤتى بميت ويوضع ويترك أمام النار؟ فالميت لا يشعر ولا يعلم ولا يرى ولا يسمع، فما الفائدة أو الغرض من عرضه على النار (وضعه أمام النار/وضعه قدام النار)؟

كلنا يعلم أن فرعون مات غرقاً. وكلنا يعلم أن الميّت (عدا المقتول في سبيل الله) يظل ميّتاً إلى يوم القيامة. وفرعون سيظل ميتاً إلى يوم القيامة. ولكن لماذا قال الله عن فرعون الميت ومن معه من الموتى [النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا] ؟، لماذا الميت موضوع أمام النار؟ فهل يشعر الميت بالنار؟

نعلم من القرآن (ومن الواقع الدنيوي الذي يعرفه كل إنسان) أن الميت لا يشعر ولا يعلم [أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) النحل/وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) فاطر]. فالميّت يموت فيه الشعور، فلا يشعر بألم ولا يشعر بخوف ولا بأي شيء. فمثلاً أخبرنا القرآن أن صاحب الحمار مات قرناً من الزمان وكان خلال موته لا يعلم ولا يشعر بالزمن ولا بغيره [فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ (259) البقرة]. لماذا أخطأ الرجل الجواب؟ لأنه لم يكن لديه شعور ولا علم (طوال قرن). بل حتى الأحياء (أصحاب الكهف) لم يعلموا (لفقدهم الوعي بالنوم). وكذلك كل من خدّره الطبيب ليجري له عملية جراحية (فيها تقطيع لأحشائه بمبضع الجرّاح)، فهو لا يعلم شيئاً ولا يشعر بأي ألم (رغم أنه حي)، فكيف بالموتى.

والكفار الأحياء يوم القيامة الذين في جهنم يتمنون الموت ويطلبونه، لأنهم يعلمون أنهم إذا ماتوا، يموت شعورهم بالألم فيرتاحوا [وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ (77) الزخرف]. ولكن الله يمنع عنهم الموت. لماذا؟ الجواب واضح: لكي يشعروا بالألم [لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا (36) فاطر/ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) طه]. بل أنه حتى جلودهم إذا نضجت مات فيها الشعور، فيخلق الله لهم جلوداً أخرى جديدة صحيحة ليحيا فيها الشعور كل الحياة [كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ (56) النساء].

 

فما فائدة أن يوضع الإنسان أمام النار وهو ميّت لا يعلم ولا يشعر بالألم والعذاب؟

هناك احتمال سنفترضه للإجابة على هذا السؤال. وقلت احتمال، لأن فيه اختلافا كبيرا كما سأوضح هنا وفي الملحق (آخر الموضوع). فربما نفهم من ظاهر آيات القرآن أن الله سيكلم كل إنسان يوم القيامة:

فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) الحجر

وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) مريم

يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا (111) النحل

وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق

بالإضافة إلى آيات عديدة أخرى قد نفهم منها ذلك. ولكن هناك احتمال كما يبدو، أن الله ربما لا يكلم كل إنسان يوم القيامة. وسبب قولي هذا هو ما أفهمه من هذه الآيات الكريمة:

كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) المطففين

وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (174) البقرة

وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (77) آل عمران

 وفهمي قد يكون خطأ، بالإضافة إلى الاختلاف بين علماء المسلمين في فهم هذه الآيات. فأنا في هذا القسم سأفترض هذا الفهم (الذي قد يكون خطأ) لكي أستطيع تفسير وضع فرعون الميت أمام النار.

  إذا اجزنا هذا الافتراض والفهم، فإن بعض الناس يوم القيامة سيُحجبون عن الله (أي لن يُسمح لهم بالحضور أمام الله ولا بمخاطبته). فهذا الصنف من الناس لن يحظى بالوقوف أمام الله ولا بالكلام معه بل سيُحجب ويُحظر عن ذلك، ويقذف به (عند بعثه حياً) في جهنم مباشرة.

هؤلاء الذين سيحجبهم الله عنه ولن يكلمهم ولن ينظر إليهم يوم القيامة، هم أئمة الكفر الذين حاربوا الله ورسله وماتوا على ذلك، وسيكون فرعون على رأسهم [يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ(98) هود]. وهذا يفسر لنا لماذا وضعه الله مباشرة أمام جهنم رغم أنه ميّت. ففرعون لن يمنحه الله ما يمنحه لبقية الناس العاديين الذين سيتوجهون من قبورهم يوم القيامة إلى موقف يكلمهم الله فيه وينظر إليهم ثم يحاججون ويدافعون عن أنفسهم، ثم يحكم  الله فيهم بعد ذلك بجنة أو بنار. أما فرعون فقد حكم الله عليه بالنار سلفاً وقررها عليه مسبقاً، كما أن الله قد حجبه عنه (بسبب غضبه الشديد على فرعون، لن يكلمه الله يوم القيامة أو ينظر إليه هو وأمثاله). وبالتالي فلم يبق لفرعون إلا شيء واحد، وهو أن يُنفّذ فيه العذاب مباشرة (يُقذف في النار حال بعثه). ولكن فرعون عندما مات غرقاً، لم تقم القيامة بعد (لم يأن الوقت بعد لقذفه في النار). ولذلك وضعه الله أمام جهنم أي أمام العذاب (رغم أنه ميت)، لأن فرعون أول ما يبعثه الله من الموت ويعيد له الحياة سيجد نفسه قدام جهنم مباشرة (لكي يُرمى به فيها فوراً). فرعون لن ينال ما يناله الإنسان العادي الذي حين يخرج من قبره، ستسوقه الملائكة إلى حيث يكلمه الله وينظر إليه ثم ستكون له فرصة أن يدافع ويحاجج ويخاصم عن نفسه، وبعد أن يستنفذ كل وقت محاكمته، سوف يحكم الله عليه، ثم ينفذ فيه الحكم (إلى الجنة أو إلى جهنم). فهذه الفرصة لا تكون لفرعون وأمثاله. ولذلك عندما مات فرعون، وضعه الله قدام النار (لأن الله قد حكم عليه مسبقاً وانتهى الأمر). ولكن منذ أن مات فرعون إلى لحظة بعثه، لم يكن داخل النار لسببين، الأول لأنه ميت لا يشعر [(الشاة إذا ذبحت لم تألم السلخ/ أنساب الأشراف)، (ما لجرحٍ بميتٍ إِيلامُ/ المتنبي)] والثاني لأن موعد إدخاله النار لم يحن بعد (موعد دخول جهنم يكون يوم القيامة). ولما سيأتي يوم القيامة، ويبعث الله فرعون ويحييه، سيصبح فرعون يشعر ويعلم ويسمع ويرى، وأول ما يستيقظ سيجد نفسه موضوعاً أمام جهنم وجهاً لوجه. وفي نفس تلك اللحظة التي يستيقظ فيها فرعون، سيجد نفسه فجأة يدخل جهنم (التي هو واقف أمامها منذ غرقه) وبئس المصير [البحر المحيط في التفسير: ويجوز أن يراد بذكر الطرفين الدوام في الدنيا، والظاهر أن العرض خلاف الإحراق].

 

مثل للتوضيح

ولتوضيح أمر فرعون، لنقل أن أفراداً من المطلوبين للعدالة، تم القبض عليهم وهم فاقدو الوعي (لسبب ما). ولما حضر القاضي أو المسئول وتعرف عليهم واحداً واحداً (وهم لا يزالون غائبين عن الوعي)، فصلهم فرقتين أو مجموعتين. فقال هؤلاء (المجموعة 1) قدموهم للمحاكمة حال استيقاظهم. وأما هؤلاء (المجموعة 2) فلا داعي لإحضارهم للمحاكمة فهم لكثرة جرائمهم وفظاعتها، فإني أحاسبهم وأحكم عليهم الآن باستحقاق العقوبة والقصاص. فاحملوهم الآن وهم رقود وضعوهم أمام ساحة تنفيذ العقوبة والقصاص، ثم نفذوا فيهم العقوبة والقصاص فوراً لحظة استيقاظهم.

فتُركت (المجموعة 1) حيث كانوا رقوداً. وحُملت (المجموعة 2) مباشرة إلى مكان تنفيذ العقوبة ووضعوا هناك أمام ساحة تنفيذ القصاص (وهم لا يزالون فاقدي الوعي).

وعند استيقاظ المجموعتين، سيق أفراد (المجموعة 1) إلى المحكمة (أي أن لديهم فرصة للدفاع عن أنفسهم)، ورأى أفراد (المجموعة 2) أنفسهم فجأة أمام مكان تنفيذ العقوبة أو أمام ساحة تنفيذ الحكم، لينفذ فيهم القصاص فوراً (دون أن يحضروا المحكمة ودون أن يدافعوا عن أنفسهم ودون أن يسمعوا الحكم فيهم). وأما (المجموعة 1) فحوكموا، ثم حكم القاضي على بعضهم بالبراءة وعلى آخرين بعقوبات مختلفة (الغرامة أو السجن أو القصاص).

 حال فرعون مثل حال (المجموعة 2) الذين قد حُكم عليهم مسبقاً دون محاكمة يحضرونها. ولذلك وضع الله فرعون الميت أمام جهنم (ساحة القصاص والعذاب وتنفيذ الحكم)، لأنه حين يستيقظ لن يحضر أي محاكمة (فقد حكم الله عليه بالنار مسبقاً وحجبه عنه). ولذلك لم يتبق لفرعون عند موته إلا أن يوضع أمام العذاب (لكي ينفذ فيه فوراً حال استعادته وعيه أي حياته). فلم يكن يمنع فرعون الميت من دخول جهنم إلا فقده وعيه (موته) وأن موعد العذاب لم يحن بعد. ولكن عند قيام الساعة وعندما يستيقظ فرعون من الموت (يستعيد شعوره)، لم يعد هناك ما يحول بينه وبين تعذيبه. فهو عندما يستيقظ لن يتزحزح من موضعه إلى أي موضع آخر (كعموم الناس)، بل سيقذف في جهنم مباشرة حال استيقاظه.

أمر فرعون ومن مثله بسيط جداً. فهو عندما مات، وضع ميتاً أمام جهنم، لأن الخطوة التالية التي تنتظره وستنفذ فيه (حين بعثه)، هي قذفه مباشرة في جهنم. فرعون (عند بعثه يوم القيامة) لن يتجه إلى موقف آخر بعيداً عن ساحة العذاب (كأن تتاح له الفرصة للدفاع عن نفسه مثلاً) ثم بعد ذلك يعاد إلى جهنم. ولذلك وضعه الله أمام جهنم (منذ لحظة غرقه)، فالشيء الوحيد الذي يحول بين فرعون الميت وبين إدخاله جهنم، هو أنه لا يشعر (لأنه ميت)، وحالما يستعيد شعوره (أي حياته) يوم القيامة، ينفذ فيه العقاب فوراً (يدخل جهنم).

فليس عرض فرعون الميت على النار (في الدنيا) هو لتعذيبه (حرقه) أو ليخاف من رؤية النار (فهو لا يرى النار ولا يشعر بها لأنه ميت). ولكن الله وضعه أمام النار في الدنيا (رغم أنه ميت)، لأن الفرعون عندما يستيقظ (يحيا يوم القيامة) لن يذهب إلى أي مكان آخر (مثل أن يقف أمام الله ويدافع عن نفسه) بل سيظل في مكانه ليحترق (بعد أن يبعثه الله من موته، فيرى جهنم أمامه ويدخل فيها مباشرة).

وأما الآية [وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) غافر]، التي سبقت الآية التي تذكر (عرض فرعون الميت أمام النار)، فليس معناها بالضرورة أن الفرعون الميت يتعذب الآن. فالمعنى قد يكون أن الفرعون الميت قد حوصر ودخل في الفخ. فهو الآن محاط وداخل نطاق دائرة جهنم لا يمكنه الخروج أو الفرار.

 

 

ملحق حول اختلاف المفسرين

(1) حول معنى (لمحجوبون)

فسر جمهور علماء أهل السنة معنى الآية [إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ]، أنه حجب الكفار يوم القيامة عن رؤية الله. ولكن بعض أهل السنة وأيضاً المعتزلة وغيرهم فسروا الحجب تفسيرات أخرى مثل: (حجبوا عن لقاء ربهم)[1]، (عن كرامته ورحمته ممنوعون)[2]، (غير مقربين/ غير مقبولين)[3]، (الحجاب ليس عبارة عن عدم الرؤية، فإنه قد يقال: حجب فلان عن الأمير/ من منع من الدخول على الأمير يقال: إنه حجب عنه)[4]، (أن يحجبوا فى عرصات القيامة عن الدنو من ربهم)[5]. وفي تفسير القطان وغيره ربط معنى الحجب[6] بآية [وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ الله].

وأنا (والله أعلم)، مع معنى: أن الكافر الشديد الكفر (كفرعون) سيُحجب عن الوقوف أمام الله، أي كأن الله سيهمله (لن يكلمه ولن يهتم له). وهذا قريب من معنى الآيات [إِنَّا نَسِينَاكُمْ (14) السجدة/ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ (51) الأعراف/ وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) طه/ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) الكهف]. فالمحجوب عن الله هو الذي لا يحظى بشرف المثول أمام الله يوم القيامة فلا يتواجد في حضرة الله.

 

(2) حول معنى (لا يكلمهم الله)

بعضهم فهم الآية على ظاهرها: (لا يكلمهم أصلاً)[7]، (لا يكلمهم الله أصلا)[8]، (الله لا يكلمهم يوم القيامة أصلاً)[9]، (لا يكلمهم الله ... بل يسوقهم الى النار بلا كشف وتفتيش عن حالهم)[10]. وهذا الفهم هو الذي أميل إليه.

وبعضهم فهمها مجازا: [لا يكلمهم الله بطريق الرحمة غضبا عليهم فليس المراد به نفى الكلام حقيقة لئلا يتعارض بقوله تعالى فوربك لنسئلنهم أجمعين ونحوه/ روح البيان]. وأظن جواب هذا: أن السؤال محاسبة والحساب واقع على الجميع [بيان المعاني: ولا يرد هنا قولهم إن الله تعالى لا يتولى حسابهم بنفسه لقوله جل قوله (لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ... وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) الآية 77 من آل عمران في ج 3، لأن الكلام غير المحاسبة].


[1]  تفسير الماتريدي : وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ...وذكر أهل التفسير: أن هذا في الآخرة. ثم منهم من يقول: إنهم حجبوا عن لقاء ربهم

[2]  تفسير البغوي : إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (15)، قال بعضهم: عن كرامته ورحمته ممنوعون. وقال قتادة: هو ألا ينظر إليهم ولا يزكيهم./ فتح الرحمن في تفسير القرآن : {يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} ...  ومن قال بأن لا رؤية، وهو قول المعتزلة، قال في هذه الآية: إنهم محجوبون عن رحمة ربهم وغفرانه./ التفسير الوسيط : ويرى قوم أَنهم محجوبون وممنوعون عن رضاه، قال مجاهد في قوله تعالى: (لَمَحْجُوبُونَ) أَي: عن كرامته ورحمته ممنوعون، وقال قتادة: هو أَن الله لا ينظر إِليهم برحمته ولا يزكيهم ولهم عذاب أَليم/ المنتخب في تفسير القرآن الكريم : كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) 15 - حقا إن المكذبين لمحجوبون عن رحمة ربهم يومئذٍ بسبب ما اكتسبوه من المعاصى.

[3]  تفسير الرازي :  أما قوله: إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ... أجابت المعتزلة عن هذا من وجوه أحدها: قال الجبائي: المراد أنهم عن رحمة ربهم محجوبون أي ممنوعون، كما يقال في الفرائض: الإخوة يحجبون الأم على الثلث، ومن ذلك يقال: لمن يمنع عن الدخول هو حاجب... قال أبو مسلم: لمحجوبون أي غير مقربين، والحجاب الرد وهو ضد القبول، والمعنى هؤلاء المنكرون للبعث غير مقبولين عند الله وهو المراد من قوله تعالى: ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم [آل عمران: 77] ، وثالثها: قال القاضي: الحجاب ليس عبارة عن عدم الرؤية، فإنه قد يقال: حجب فلان عن الأمير، وإن كان قد رآه/ من البعد، ... ورابعها: قال صاحب «الكشاف» : كونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم، لأنه لا يؤذن على الملوك إلا للمكرمين لديهم، ولا يحجب عنهم إلا المهانون عندهم والجواب: لا شك أن من منع من رؤية شيء يقال: إنه حجب عنه، وأيضا من منع من الدخول على الأمير يقال: إنه حجب عنه...

[4]  تفسير البيضاوي : إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ فلا يرونه بخلاف المؤمنين ومن أنكر الرؤية جعله تمثيلاً لإِهانتهم بإهانة من يمنع عن الدخول على الملوك/ اللباب في علوم الكتاب : وثالثها: قال الزمخشريُّ: كونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم؛ لأنه لا يرد على الملوك إلا المكرَّمين لديهم، ولا يُحجب عنهم إلا المبانون عنهم./ غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني : (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) تمثيل لحالهم في الإهانة بحال من استأذن على ملك فلم يؤذن له./ السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا :  {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} ...، ومن نفى الرؤية كالزمخشري جعله تمثيلاً للاستخفاف بهم وإهانتهم؛ لأنه لا يؤذن على الملوك إلا للوجهاء والمكرمين لديهم، ولا يحجب عنهم إلا الأذناب المهانون عندهم. وعن ابن عباس وقتادة: محجوبون عن رحمته. وعن ابن كيسان: عن كرامته./ تفسير أبي السعود : إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ... وقيلَ هو تمثيلٌ لإهانتِهم بإهانةِ من يُحجبُ عن الدخولِ على الملوكِ وعن ابنِ عبَّاسٍ وقَتَادةَ وابنِ أبي مليكةَ محجوبونَ عن رحمتِه وعن ابنِ كيسانَ عن كرامتِه/ فتح القدير للشوكاني :  وقيل: هو تمثيل لإهانتهم بإهانة من يحجب عن الدخول على الملوك. وقال قتادة وابن أبي مليكة: هو أن لا ينظر إليهم برحمته ولا يزكيهم. وقال مجاهد: محجوبون عن كرامته، وكذا قال ابن كيسان/ تفسير القاسمي : وتارة للإهانة، لأن الحقير يحجب ويمنع من الدخول على الرؤساء. ولذا قالت العرب: الناس ما بين مرحوب ومحجوب، أي معظم ومهان./ تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن : ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)} حيث مثل احتجاب الله وسخطه عليهم، وإهانته بهم باحتجاب ملك من الملوك عن بعض رعيته؛ لأنه لا يؤذن على ذوي المقامات العلية والمراتب السامية إلا للمقربين المكرمين لديهم، ولا يحجب عنهم إلا الأدنياء الموسومون بالمهانة والقماءة والصَّغَار/ التفسير المنير للزحيلي :  يَوْمَئِذٍ يوم القيامة. لَمَحْجُوبُونَ فلا يرونه، بخلاف المؤمنين، ومن أنكر الرؤية جعله تمثيلا لإهانتهم بإهانة حجاب الملوك الذين يمنعون عن الدخول عليهم./ الموسوعة القرآنية : الحجب والحجاب المنع من الوصول ... والحاجب المانع عن السلطان/ التحرير والتنوير : فأما الإهانة فحجبهم عن ربهم، والحجب هو الستر، ويستعمل في المنع من الحضور لدى الملك ولدى سيد القوم، قال الشاعر الذي لم يسم وهو من شواهد «الكشاف» : إذا اعتروا باب ذي عبية رجبوا ... والناس من بين مرجوب ومحجوب، ...  وكذلك أيضا لا يدخلون حضرة القدس قال تعالى: إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء [الأعراف: 40]

[5]  تفسير المراغي:  (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) أي ارتدعوا عما تقولون من أنكم يوم القيامة تكونون مقربين إلى الله، فإنكم ستطردون من رحمته ولا تنالون رضاه، ولا تدركون ما زعمتم من القرب والزلفى عنده كما قال: «وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ» . ثم ذكر ما يكون لهم فوق ذلك فقال: (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) أي وبعد أن يحجبوا فى عرصات القيامة عن الدنو من ربهم، وإدراك أمانيهم التي كانوا يتمنونها- يقذف بهم فى النار ويصلون سعيرها ويقاسون حرها.

[6] تيسير التفسير للقطان:  لَمحجوبون: لمطرودون عن أبواب الكرامة./ بعد ذلك ردت عليهم السورة ناقضةً ما كانوا يقولون من أن لهم المنزلة والكرامة يوم القيامة. {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} أما ما تدّعون من انكم تكونون مقرّبين الى الله يوم القيامة، فهو وهمٌ باطل، فأنتم مطرودون من رحمة الله، ومحجوبون عنه بسبب معاصيكم وجحودكم. وكما قال تعالى: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ الله وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القيامة وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] .

[7]  تفسير الماوردي: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} ...  لا يكلمهم أصلاً ولكن يرد حسابهم إلى الملائكة.

[8] تفسير النيسابوري :  أو لا يكلمهم الله أصلا لغضبه عليهم كما هو ديدن الملوك من الإعراض عند السخط والإقبال عند الرضا

[9]  زاد المسير في علم التفسير: وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ...  في سبب نزولها ثلاثة أقوال:... وإن قلنا: إنها في اليهود، والكفار، فإن الله لا يكلمهم يوم القيامة أصلاً.

[10]  الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية: ومن فظاعة أمرهم وشناعة صنيعهم لا يكلمهم الله المستكشف عن احوال العباد يوم القيامة ليجزيهم على مقتضى أعمالهم التي كانوا عليها في النشأة الاولى بل يسوقهم الى النار بلا كشف وتفتيش عن حالهم


حامد العولقي