لماذا لرئيس الخوارج يد كثدي المرأة؟
الموضوع باختصار ...
الأصل وصف الروايات للخارجي أنه كثير التعبد والصلاة. والذي يصلي كثيراً تصفه الروايات بأن مواضع جسده (التي ترتكز على الأرض أثناء سجوده) تتورم وتتغلظ وتنتفخ. ثم بالغت الروايات في وصف هذا الانتفاخ والتورم في عضو السجود فجعلته مثل ثفنة الإبل أو ركبة المعزى، فأصبح اسم رئيس الخوارج ذا الثفنات. ثم ظهر وصف جديد ومبالغة جديدة فشبه ذلك الانتفاخ والتورم بثدي المرأة أو حلمتها أو طبي الشاة أو حلمتها، فأصبح اسم كبير الخوارج ذا الثُدّية. فكل هذه مجرد مبالغات غير حقيقية لوصف الأصل (كثرة صلاة الخارجي).
لماذا سُمّي بذي الثُّدَيَّة؟
لأن في يده شيئاً كثدي المرأة:
(إحدى يديه كثدى المرأة لها حلمة كحلمة ثدي المرأة/
مسند أحمد).
وقد لا تذكر اليد، فيقال أن له ثدي أو حلمة كثدي المرأة:
(إحدى ثدييه مثل ثدي المرأة/
الإصابة لابن حجر).
كيف أصبح لكبير الخوارج ثدي وحلمة كثدي المرأة؟
هل قول الروايات أن رئيس الخوارج
له ثدي أو حلمة على يده كثدي المرأة، هو بالمعنى الحقيقي المحسوس؟ أم أنه
قول مجازي استخدمت فيه ألفاظ الثدي
والحلمة كناية عن شيء آخر؟
كثيراً ما تصادفنا عبارات تصف
كثرة صلاة العابد وطول سجوده وركوعه فنقرأ فيها أن أعضاء السجود من
البدن
(الجبهة والأنف واليدين والركبتين والرجلين)
تنتفخ وتتورم وتغلظ، لكثرة وطول الاعتماد
عليها أثناء الصلاة. وقد لا يكتفي الراوي بذكر الانتفاخ والورم في عضو
السجود ليصف كثرة صلاة العابد، بل أيضاً يشبّه
ويمثّل ذلك الانتفاخ في عضو السجود بثفنة بعير أو بركبة معزى.
وقد فسّروا ذلك بأنه من كثرة العبادة والصلاة.
وكذلك قالوا بمثله عن أعضاء سجدات الخارجي
(بسبب كثرة اجتهاده وصلاته)
وشبّهوا أعضاء السجود منهم بركب المعزى.
وهذا التشبيه بثفنات البعير أو بركب المعزى لم يكن مقصوراً على الخوارج، بل
استعمل مع كل مجتهد في العبادة ومكثر من الصلاة. فنرى مثل هذا التشبيه لوصف
اجتهاد الصحابة في الصلاة ومثله لوصف اجتهاد علي بن أبي طالب، وأطلق على
زين العابدين لقب ذي الثفنات. ووصف بهذا التشبيه المكثرون من الصلاة عموماً.
الثدي في يد شيخ الخوارج مجرد تشبيه كثفنات البعير
مشهور
أن الخارجي شديد العبادة كثير الصلاة
ومن هذا المعنى (شدة العبادة وكثرة الصلاة) خرجت تشبيهات الرواة في
وصف تورم وتغلظ وتكثف عضو السجود (كاليد
والجبهة والرجل وغيره) بأنه مثل ثفنات الإبل أو
ركب المعزى. وهذا التشبيه ألفناه
وعرفنا أسبابه ودواعيه.
ولكن ظهر تشبيه آخر ابتدعه الرواة، فقالوا أن
إمام الخوارج يوجد على يده ثدي كثدي المرأة وحلمة كحلمة المرأة أو عليها
مثل طُبي شاة أو حلمة شاة. وهذا التشبيه الجديد المبتكر مثل الأول
القديم
(ثفنات البعير وركب المعزى).
والفرق استعمال الألفاظ الجديدة
(ثدي وحلمة المرأة وطبي وحلمة الشاة)
عوضاً عن القديمة
(ثفنات البعير وركب المعزى).
ويوجد فارق آخر وهو عدم ذكر تعليل وسبب يفسّر
ظهور ثدي المرأة على يد الخارجي.
ولو قارنا بين التشبيهين
(سواء ثفنات البعير أو
ثدي المرأة)، لوجدنا غرضهما واحداً وهو
وصف ذلك التغلظ والتكثف في عضو السجود بسبب
كثرة صلاة الخارجي. فثدي المرأة ليس إلا تشبيهاً زائداً على التشبيه
الأول ثفنة البعير. فالتشبيه الجديد (ثدي
المرأة) هو نفسه التشبيه القديم (ثفنة
البعير)، وكلاهما يصف تغلظ وتورم مَسْجَد الخارجي
(عضو السجود منه)
لكثرة صلاته. وذو الثُديّة هو نفسه ذو
الثفنات لأنهما نفس الشخص
(رئيس الخوارج).