نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

قُدَار بن قُدَيرة

رغم أن القرآن لم يذكر اسم عاقر الناقة [فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) القمر]، إلا أن الرواة اشتقوا له اسماً من فعله القبيح وهو جزر الناقة فظهر اسمه قُدار أي جزّار (والقُدارُ: الجَزَّارُ/اللسان)، (قيل إنَّ قدارا هذا كان جزارا/ زهر الأكم).

ويضاف إلى اشتقاق اسم قدار أنه من القدور التي طبخوا فيها لحم الناقة :

جمهرة اللغة : والقُدَار: الجزّار. .. أُخذ من الطبيخ فِي القُدور/ تاج العروس : والقُدَارُ الطابِخُ فِي القِدْر/ تهذيب اللغة :  قَدَرْت الْقدر .. إِذا طبخت قِدراً... القَدير: مَا طُبخ من اللَّحْم بتوابل، ... ومَرَقٌ مَقدُور وقدير، أَي: مطبوخ.

 

لذلك رووا في قصة عاقر الناقة ما يتضمن معنى الجزر والتقطيع والطبخ في القدور:

خلاصة السير الجامعة: [فذبوحها وجزروا لحمها أنضاء، وأتتهم عنيزة والصدوف بالخمر والقدور إلى الوادي/ وقالوا فاعقروها ثم ملوا ... لنا من لحمها الوادي  قدورا]/ شرح نهج البلاغة / تفسير الثعلبي : فشد على الناقة بالسيف ..وخرج أهل البلدة واقتسموا لحمها وطبخوه/تفسير البغوي : وَاقْتَسَمُوا لَحْمَهَا وَطَبَخُوهُ/نهاية الأرب: فأمرهم أن يقطّعوا لحم الناقة؛ فقطّعوا  وطبخوا /التيجان : أكلوا لحم الفصيل وأمه ... طبخاً

  

ابن قديرة

وأما قُديرة فليست أم عاقر الناقة (واسم أمه قديرة/ تفسير مقاتل)، ولكنها طريقة قديمة للعرب يكنون بها الشخص من خلال  نسبته إلى فعله وعمله (العرب يقولون: فلان ابن كذا وأبو كذا إذا كان من أهله، وملازماً له/ معجز أحمد). فالكنية (ابن قُديرة) من معنى أن عاقر الناقة، جزر وطبخ بالقدر. فالراوي كنى عاقر الناقة بكنية (ابن قديرة) نسبة إلى فعله (وليس نسبة إلى أمه التي لا يعرف اسمها ولا اسم ابنها). فاسم قديرة نفس اسم قدار، كأنه إتباع وتأكيد لصفة عاقر الناقة (كما لو قيل: عاقر بن عقيرة أو جازر بن جزيرة أو قاتل بن قتيلة أو فاتك بن فتيكة ..الخ، وكما يقال في ذم فلان بخيل بن بخيل أو كذاب بن كذاب ..الخ).

 

ابن سالف

كما نجد اسم عاقر الناقة: قدار بن سالف، فظنوا سالفاً أباه (قدار بن قديرة وهي أمه، وأبوه سالف/ فصل المقال –البكري). ولكن ابن سالف (قيل له لا تتبعن ابن سالف/ وقالت له أنت ابن سالف/التيجان) كنية لعاقر الناقة (والسَّالِفُ: المتقدمُ/اللسان). وذلك لأنه سبق وتقدم وابتدر (قدار... إذا ما دعوا يوماً إلى الشر أسرعا ... فلما دعوه للعجوز تسرعا/ التيجان) وتجرأ (قدار بن سالف، وكان فاسقا ملعونا جريئا/ السير الجامعة)، فكان أول من ضرب الناقة بالسيف (أَوَّلَ مَنْ سَطَا عَلَيْهَا قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ/ فَابْتَدَرَهُمْ قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ فَشَدَّ عَلَيْهَا بِالسَّيْفِ/ البداية والنهاية).

 

حامد العولقي