نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

خواطر حول فتنة خروج دابة الأرض

 

من المعلوم يقيناً لدى كل مسلم أن الله في يوم ما سيُخرِجُ دابةً من الأرض تكلّم الناس:

{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (82) سورة النمل

والأرجح أن زمن خروج هذه الدابة سيكون في هذه الدنيا قبل يوم القيامة. ولكن قد يقول احدهم أن خروج الدابة سيكون في يوم القيامة، وأظنه احتمالاً بعيداً. وهذا الموضوع يفترض الاحتمال الأول وهو أن الدابة ستخرج قبل يوم القيامة[1].

 

دابة الأرض حقيقة لحماً وعظماً ودماً كما نحن

الدابة ستكون أول مخلوق أرضي غير بشري[2]، يعقل[3] ويفهم ويتخاطب مع الناس. والكلام[4] مع الناس سيكون دور الدابة الأول [تُكَلِّمُهُمْ]. ولعل الدابة لن تعرف السأم والتعب من كثرة تجاوبها وتخاطبها[5] مع من يحاورها[6]. والله أعلم بخلقة الدابة وصورتها، ولكنها ستكون مخلوقاً فريداً لم يسبق له مثيل[7] ولا ينتمي لأي نوع أرضي معروف[8]، وليس له أصل أبوي[9] بدليل قوله تعالى [مِّنَ الْأَرْضِ].

 

تصاوير الرؤى والأحلام لا تعني الحقيقة

نعلم من القرآن رؤيا يوسف عليه السلام [{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (4) سورة يوسف]. ولكن الشمس والقمر والكواكب بالاية الكريمة لم تكن تعني الشمس الحقيقية ولا القمر الحقيقي ولا الكواكب الحقيقية، لأن الآية تتحدث عن رؤيا. فالشمس التي برؤيا يوسف ترمز ليعقوب، والقمر يرمز لأم يوسف، والكواكب ترمز لإخوة يوسف، وسجود تلك الكواكب ليوسف يرمز لسجود والديه وإخوته له عندما يصبح نائب ملك مصر. ونعلم رؤيا الملك المصري [{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} (43) سورة يوسف]، حيث السبع بقرات في الرؤيا ترمز لسبع سنوات. فالتصاوير التي بالرؤى لا تؤخذ على الحقيقة، ولكن هذه لغة الأحلام التي غالباً ما تكون عبر الصور.

 

وحوش أهل الكتاب ليست إلا تصاوير رؤى وأحلام (ترمز لملوك أجانب وعبيدهم المحليين أو لممالك أجنبية وتابعاتها المحلية)

وحوش أهل الكتاب هي من قبيل الرؤى[10] (رؤيا دانيال ورؤيا يوحنا)، وليست على حقيقتها. وشخصية دانيال تتقمص دور يوسف عليه السلام[11]، وأخذ دانيال يفسر أحلام ملك بابل (محاكياً رؤى ملك مصر من قبل). وبعد هذا السفر اليهودي بنحو قرنين ونصف قام أحد الكتبة النصارى بتقليده من خلال سفر الرؤيا النصراني.

 

رؤى دانيال (وحوش اليهود)

عندما كان أحد ملوك[12] اليونان في القرن الثاني قبل الميلاد يسرف في اضطهاد اليهود قام كاتب يهودي في ذلك الوقت بتأليف سفر رؤى وأحلام اسمه سفر دانيال[13]. وابتدع الكاتب من خلال سفره حكاية الوحش العجيب، لأنه لم يرد التصريح باسم ذلك الملك[14]. ولعل مؤلف سفر دانيال وجد التعبير بالطريقة الرمزية[15] أيسر وأسلم من التصريح[16] الحقيقي بالأسماء. وقد قصد الكاتب بوحوشه البحرية في هذا السفر ملوك اليونان ودولهم[17] [وَأُعْطِيَ عَقْلَ إِنْسَانٍ. ... عُيُونٌ كَعُيُونِ الإِنْسَانِ وَفَمٌ يَنْطِقُ بِعَظَائِمَ. ..  مَا تَفَوَّهَ بِهِ مِنْ عَظَائِمَ، .... ذُو الْعُيُونِ النَّاطِقُ بِالْعَظَائِمِ][18]. ولذلك نجد أن هذا الوحش اليهودي (الوحوش البحرية التي تمثل ملوك بشر) يتكلم ويعقل [اوقف على رجلين كانسان واعطي قلب انسان، واذا بعيون كعيون الانسان في هذا القرن و فم متكلم بعظائم، ... صوت الكلمات العظيمة التي تكلم بها القرن، وهذا القرن له عيون و فم متكلم بعظائم][19]. وقد صرّح السفر اليهودي نفسه أن تلك التصاوير والرموز الحيوانية هي ملوك وممالك[20]. كما ذكر السفر تيس[21] المغرب ذا القرن (الإسكندر) الذي هزم الكبش ذا القرنين[22] (ملك فارس)، وفسّره[23]. وجاء بالسفر أن الملك البابلي العظيم نبختنصر قد مُسخ إلى وحش يأكل التبن في البرية لبضع سنوات[24]

 

رؤى يوحنا (وحوش النصارى)

ولما جاء النصارى اضطهدهم الروم، كما اضطهد اليونان اليهود. ودأبت النصارى دأب اليهود، فقام نصراني في نهاية القرن الميلادي الأول[25] بتأليف سفر الرؤيا[26] (تقليداً لسفر دانيال اليهودي واقتباساً منه)[27] وشكّل فيه وحوشه البحرية[28] (ملوك الروم)[29]. وقد شككت[30] كثير من الكنائس القديمة في قانونية[31] هذا السفر.

والنصارى لديهم تقريباً وحشان: وحش أول وهو الوحش البحري[32] الذي يخرج من البحر (يمثل سلطة أجنبية عظمى هي الروم)، ويعبده ويخدمه ويخضع له وحش ثان وهو الوحش الأرضي[33] الذي يخرج من الأرض (يمثل سلطة دينية محلية خاضعة كاليهود أو النصارى). والسلطتان[34] (العظمى الأجنبية القاهرة والصغرى المحلية الخاضعة) تعبدان إبليس (الحيّة أو التنين) وتخضعان له.

 

الوحش البحري (الأكبر)

الوحش البحري[35] (سلطان الروم) هو سيّد الوحش الأرضي (سلطان كهنوتي في إقليم تابع للروم كفلسطين أو آسيا الصغرى). والوحشان (الملك وكاهنه) يخضعان لإبليس (التنين، الحيّة). ووحش البحر المذكور ينطق، وهذا نصه : [وَإِذَا وَحْشٌ خَارِجٌ مِنَ الْبَحْرِ، ... وَأَعْطَى التِّنِّينُ الْوَحْشَ فَماً يَنْطِقُ بِكَلاَمِ الْكِبْرِيَاءِ وَالتَّجْدِيفِ][36]، وبترجمة أخرى [واعطي فماً يتكلم بعظائم و تجاديف ... ففتح فمه بالتجديف][37]. وحتى تمثال الوحش البحري يتكلم[38]. ومن المهم أن ننتبه في النص إلى كلام وحديث الوحش (نطقه)، لأن الدابة حين تخرج[39] وتتكلم سيعتبرها أهل الكتاب وحشهم الناطق.

 

الوحش الأرضي (الأصغر)

وهذا خبر الوحش الأرضي عند النصارى [ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشاً آخَرَ خَارِجاً مِنَ الأَرْضِ، ... الْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْبَحْرِ ..   وَأُعْطِيَ سُلْطَةً عَلَى أَنْ يَبْعَثَ الرُّوحَ فِي التِّمْثَالِ لِيَنْطِقَ][40]، [رايت وحشا اخر طالعا من الارض][41]. ونفهم من وصفهم الوحش الأرضي بأن له قرنا خروف[42]، أنهم أرادوا ممثل[43] سلطة دينية محلية يهودية أو مسيحية خاضعة للروم. وقد صرّحت كتب النصارى أن الوحش الأرضي هو النبي الدجّال[44] (السلطة الدينية)[45]. فيأمر الناس بعبادة صنم[46] الملك (القيصر أو الفرعون) وإقامة طقوس دين الملك ودستوره وقوانينه وعملته وختومه[47].

 

وحش الهاوية

وحش الهاوية (قد يكون تصويراً آخر للوحش البحري، أو غيره): [الْوَحْشُ الصَّاعِدُ مِنَ الْهَاوِيَةِ][48]. وعندما ستخرج الدابة قد يعتقد النصارى أن الوحش قد خرج من قعر وجوف الأرض وبطنها أو الهاوية أو جهنم، تماماً كما ذكر كتابهم المقدس.

 

الوحش القرمزي

الوحش[49] القرمزي (لعله تشكيل آخر للوحش البحري): [امْرَأَةً رَاكِبَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ][50]. وهذا الوحش القرمزي راكبته هي بابل[51] (وربما قصد النصارى به عاصمة الروم)[52].وهذا الوحش حسب كتبهم سيحاربه المسيح (الحَمَل)[53] وسيهزمه.

 

القبض على الوحش

سوف يُقبض على الوحش حسب كتب النصارى: [فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ][54]. فنرى أن أعداء النصارى ثلاثة : التنين أو الحية (إبليس الذي يسيطر على الوحشين)، ثم الوحش الأول الكبير (الوحش البحري أي الروم الذي يسيطر على الوحش الصغير)، ثم الوحش الثاني الصغير (الوحش الأرضي أو النبي الكاذب) [55]. وطبعاً هذا خلط[56] من أهل الكتاب في الأصل الحق وهو أن القضاء التام على الشر لا يكون إلا يوم القيامة. 

***

 

لماذا جاء القرآن بالدابة الأرضية الحقيقية التي ستخرج فعلاً والتي قد تشبه في ظاهرها وحوش اليهود والنصارى الخرافية الرمزية

ولكن لماذا ستخرج من الأرض الدابة الحقيقية التي قد تشبه في ظاهرها وحوش اليهود والنصارى الخرافية الرمزية التي ليست في الأصل إلا تصاوير أحلام ترمز لملوك اليونان والروم وعمالهم وكهنتهم الذين اضطهدوا اليهود والنصارى؟ لكي نفهم هذا الأمر (أي خروج دابة حقّة قد تتشابه ظاهراً مع دواب أهل الكتاب الوهمية) علينا أن نعود زمنياً للوراء فنعتبر مما قد حدث وصار. وهذه أمثلة لتوضيح ذلك  ... 

1- ثعبان موسى الحقيقي، وثعابين السحرة الخيالية

ألم يكن سحرة مصر في زمن موسى وكما شهد القرآن قادرين على جعل الناس يرون عصيهم وحبالهم بصور ثعابين تسعى؟ {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (66) سورة طـه. فلماذا يجعل الله رسوله موسى يصنع عملاً يبدو في ظاهره كصنيع السحرة؟ [فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) الأعراف]. فالناس في مصر منذ زمن بعيد والسحرة يجعلونهم يتخيلون عصيّهم ثعابين، فيصدقونهم حتى أصبح أمراً مألوفاً، فكيف بعد ذلك سيقنع موسى الناس برسالته بتحويل عصاه إلى ثعبان؟ لو فهمنا هذا فهمنا لماذا سيخرج الله دابة الأرض العاقلة الناطقة رغم أن كتب أهل الكتاب تخبر عن قدوم مستقبلي لوحوش عاقلة ناطقة.

السطحي سيقول أن ثعبان موسى لا يختلف عن ثعابين السحرة[57] (وكذلك سيقول السطحي عن دابة الأرض الحقة أنها ليست إلا وحوش أهل الكتاب). وأما المتيقن الراسخ في العلم المتعمق المتحقق المتواضع الصبور المتأني فسيعلم أن موسى قد حوّل العصا إلى ثعبان حقيقي لا يختلف عن الثعابين الحقيقية المميتة التي يخشاها الإنسان، وربما أخطر منها (وكذلك سيعلم المتيقن الفرق الشاسع بين دابة الأرض الحقة وبين وحوش أهل الكتاب التي لم تكن إلا تصاوير رؤى وأحلام)[58].  

2- عيسى لم يلده أب، وفرعون كاذب يقول أنه لم يلده أب بشري

عندما أتى المسيح عيسى عليه السلام كانت قد مضت آلاف السنين على انتشار خرافة تقول أن العديد من البشر لم يولدوا من صلب أب بشري وإنما فقط من أم بشرية[59]. وأشهر من أسرف في مثل هذا الكذب قبل مجيء المسيح هم ملوك مصر القدماء[60]. ورغم ذلك فقد خلق الله عيسى عليه السلام من دون أب بشري. فافتتن الناس في ذلك الزمان خاصة النصارى[61] وقالوا بقول الملوك القدماء كالفراعنة أنهم أبناء آلهة[62] فجعلوا المسيح بن مريم ابناً لله [{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ (30) التوبة].  

3- أقوالهم حققها الله لهم

 قالت اليهود (إن كانوا ابتدعوه) بشرط نزول  نار من السماء تأكل القرابين، حتى يؤمنوا بالرسول [{الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ } (183) سورة آل عمران]. ومع ذلك حقق الله لهم قولهم [{ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (183) سورة آل عمران]. ولعل مثله قول من كفر وزعم أنه سيؤتى بالدنيا كذا وكذا [ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا {77} مريم] فإنه سوف يؤتى قوله بالدنيا [  وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ {80} مريم].  

 

4- كتب الله وكتب البشر

وكذلك خاتم النبيين محمد عليه الصلاة والسلام جاء بالكتاب الأعظم القرآن أحسن الحديث في عصر قد كثرت فيه الكتابة والكتب والمؤلفات والمخطوطات والمكتبات الشهيرة[63]. كما سبقت القرآن الكتب السماوية الأولى كالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم[64]. وهذا يجعل السطحي الغير متيقن ينظر إلى القرآن كمجرد كتاب بسيط لا يختلف عن غيره من الكتب العديدة السابقة [{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} (24) سورة النحل]. فحدثت من جراء ذلك الفتنة للسطحي الغير متيقن. وقد دفعت سطحية عموم أهل الكتاب إلى الاستعجال بالقول أن القرآن مجرد نسخة من التوراة والإنجيل، وأن محمداً قد درس[65] منهما ونقل ما فيهما إلى كتابه القرآن[66]

***

والآن وبعد أن وصلنا لهذه السطور ... أظن أننا الآن سنفهم أحد أسباب مجيء الدابة الحقيقية (رغم اشتهار وجود أكاذيب دواب وهمية من قبلها في كتب اليهود والنصارى لا توجد إلا في الأحلام). فكما قد أتى ثعبان موسى الحقيقي (رغم وجود أكاذيب ثعابين وهمية سحرية من قبله)، وكما قد أتى عيسى عليه السلام من دون أب بشري (رغم وجود أكاذيب ملوك وهميين من دون أب بشري)، وكما قد جاء القرآن وقد سبقته التوراة واشتهرت قبله الكتب والزبر والصحف بين الناس والكتابات والنقوش والورق، كذلك ستخرج الدابة الناطقة العاقلة رغم شيوع الدواب الرمزية الوهمية الناطقة العاقلة في كتب اليهود والنصارى، لأن الله يريد أن ينظر هل سنتحقق من آياته أم لا[67].

 

كلام الدابة سيقوي إيمان أهل الكتاب بنصوصهم

الدابة الحقيقية الناطقة [دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ] ستكون بالنسبة لأهل الكتاب هي ذلك الوحش الناطق[68] (بسفر دانيال اليهودي) الذي سيحارب اليهود [وَأُعْطِيَ عَقْلَ إِنْسَانٍ. .. كَعُيُونِ الإِنْسَانِ وَفَمٌ يَنْطِقُ بِعَظَائِمَ][69]، أو ذلك الوحش الناطق[70] (بسفر الرؤيا النصراني) الذي سيحارب النصارى والمسيح [وَأَعْطَى التِّنِّينُ الْوَحْشَ فَماً يَنْطِقُ بِكَلاَمِ ][71].

بل قد تعتنق المسيحية (وربما اليهودية) الكثير من الشعوب ذات الأديان الأخرى، حيث سيزداد نشاط المبشرين النصارى وحماسهم وسيحتجون بخروج هذا الوحش (الدابة) كما تنبأت كتبهم بسفر الرؤيا. فربما دفع هذا الكثير من الملحدين الغربيين وغيرهم من بوذ وهنادكة وصنمية إلى الإيمان بإلوهية المسيح الذي سيقتل الوحش الخارج من الأرض حسب معتقد الكنيسة. فالنصراني سيزداد نصرانية وإيماناً بكتبه، وغير النصراني قد ينبهر بما يظنه تحقق وحدث من خروج وحش ناطق عجيب كما قال سفر الرؤيا، فيغريه ذلك لأن يتنصر.  

 

 

الدابة سيعتبرها أهل الكتاب وغيرهم روح ضلال وتجسيداً لإبليس أو رسولاً له

سينظر النصارى للدابة كروح ضلال متمردة [سَيُرْسِلُ اللهُ إِلَيْهِمْ طَاقَةَ الضَّلاَلِ حَتَّى يُصَدِّقُوا مَا هُوَ دَجْلٌ][72] أرسلها الله لتحارب عقيدة الكنيسة. وعموم النصارى لن يصدّقوا الدابة في شيء، لأنها سوف تخضع للقرآن تماماً وتنطق بالحق، أن القرآن كلام الله وأن محمداً رسول الله، وستنطق بما يخالف أركان معتقداتهم من تثليث وصلب وتأليه للمسيح. وهذا الكلام إذا سمعه النصارى يخرج من فم الدابة فهو بالنسبة لهم عين الكفر والتجديف، وسيكون شديد الإيلام وثقيلاً جداً على آذانهم وقلوبهم. وإذن سينظر النصارى إلى الدابة كرسول للشيطان أو أنها الشيطان نفسه قد تجسّد[73] فيها. وسيعتبرون هذه الدابة التي تتكلم بالعدل والحق ليست سوى إبليس الماكر بثوب المتّقين أو بصورة ملاك[74].

 

سيزداد إيمان النصارى بدينهم عندما تهزمهم الدابة في المناظرات

في كل مرة يتجادل فيها الأحبار والقُسُس والكهنة مع الدابة فإنهم سيتهاوون ويترنحون أمام سمع وبصر مليارات الناس عبر وسائل الإعلام، لأنهم لن يستطيعوا الصمود أمام حججها الدامغة[75]. فكلما ناظروا الدابة غلبتهم[76] ودحضت أقوالهم ورفضتها[77] وأبطلت[78] كثيرا من معتقداتهم[79]. حينئذ سيقولون أن كتبهم قد صدقت عندما أخبرت أن هذا الوحش (الدابة) هو معيّر للعلي ومنكّل بالقديسين (الأحبار والقُسُس والكهنة) ومذلّ لهم [25وَيُعَيِّرُ الْعَلِيَّ وَيُنَكِّلُ بِقِدِّيسِيهِ، وَيُحَاوِلُ أَنْ يُغَيِّرَ الأَوْقَاتَ وَالْقَوَانِينَ، فَيُذِلُّ الْقِدِّيسيِنَ][80]، [قائلين من هو مثل الوحش من يستطيع ان يحاربه ... و اعطي ان يصنع حربا مع القديسين و يغلبهم][81]، [هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم][82]، [وَأُعْطِيَ الْوَحْشُ قُدْرَةً عَلَى أَنْ يُحَارِبَ الْقِدِّيسِينَ وَيَهْزِمَهُمْ][83]. وسينظرون لكلامها المخالف لشرائع اليهود أنه كتغيير للأوقات والقوانين [وَيُحَاوِلُ أَنْ يُغَيِّرَ الأَوْقَاتَ وَالْقَوَانِينَ][84]. وإذن فبدلاً من الانصياع للحق الذي يخرج من فم الدابة، سيزداد أهل الكتاب إيماناً بصدق كتبهم التي أخبرت عن هزيمة الوحش (الشرير الشيطاني عدو المسيح)[85] للأحبار والرهبان. 

 

إذا خرجت الدابة فلن يتمسك اليهود والنصارى بعقيدتهم أن وحوشهم تصاوير أحلام. فدابة القرآن ستخرج دابّة حقيقية بكل معنى الكلمة. فهي ليست بشراً وليست رمزاً بل ستكون دابة أرضية حقيقية بشحمها ولحمها وعظمها. وهذه آية واضحة بيّنة أنها ليست دابة أهل الكتاب. بينما دابة اليهود والنصارى ليست دابة حقيقية وباعتراف كتبهم، وإنما تصاوير رؤى قصدوا بها ملوكاً وممالك. لذلك فإن أهل الكتاب حين يرون الدابة شحماً ولحماً على الحقيقة وليست مجرد صورة رمزية في رؤيا، فسيؤولون معتقدهم القديم ليناسب ما آل إليه الحال، وعندئذ سيعتبرون الدابة جسداً حقيقياً حل فيه إبليس. وهذه هي الفتنة.

 

موقف الهندوس وغيرهم

وأما موقف الطوائف الدينية الأخرى كالهنادك والبوذ فقد يعتبرون الدابة تجسيداً لآلهتهم[86]. وعبدة الشيطان قد يعتبرونها تجسيداً لإبليس فيقومون بعبادتها[87].

 

موقف الملحدين

وهناك موقف لطائفة واسعة من الناس لا يُستهان بحجمها سيكون مثيراً جداً، وهم الكفرة بالله الملحدون الماديون الذين لا يؤمنون إلا بما يرونه ويعلمونه في هذه الدنيا فقط. هؤلاء سينظرون للدابة نظرة فضائية خيالية. فهذا المخلوق العجيب الناطق العاقل الذي لم يسبق له مثيل سيؤكد لديهم قصص الخيال العلمي والأطباق الطائرة والأفلام الخيالية التي تنتجها هوليوود[88] حول غزو المخلوقات الفضائية العاقلة الناطقة لكوكب الأرض. فربما بعد أن يتم القبض[89] على الدابة ووضعها في سجن خاص محاطة بعشرات الكاميرات التي تبث صورها لآلاف الفضائيات عبر العالم على الهواء مباشرة على مدار الساعة وهي محاطة بمئات الصحفيين والإعلاميين والعلماء والباحثين والمتخصصين في موادهم واتجاهاتهم المختلفة الدينية والعلمية وغيرها، سيقوم المختصون الملحدون باستجواب الدابة عن مكان إخفاء مركبتها الفضائية السرّي أو عن طريقتها المتطورة التي استطاعت من خلالها أن تنقل ذرات جسمها من كوكبها لكوكب الأرض. وكذلك باستجوابها عن سبب قدومها لكوكب الأرض. وهل جاءت للتجسس لتخطط بعد ذلك للرجوع لكوكبها من أجل غزو فضائي كاسح لكوكب الأرض يقوم به سكان كوكب الدابة. وغير ذلك من الأسئلة المتعلقة حول سبب مجيئها لكوكب الأرض وكيفيته. وأظن أن هذا الأمر ولأجل الكسب المادي، ستثيره وستروّج له الفضائيات والصحف أكثر من غيره. حيث سيزداد الحديث عن تمكن البشر من القبض على أحد المخلوقات الفضائية العجيبة. وأن التحقيقات جارية مع ذلك المخلوق على قدم وساق من قبل المختصين والشرطة والجيش ووكالات الفضاء وغيرهم لاستخلاص المعلومات المفيدة الوافية عن سبب قدوم هذا المخلوق الفضائي ذي القدرات الفائقة والذي يعقل كالبشر ويخاطبهم بجميع لغاتهم بكل طلاقة ويسر. مما يفتح المجال لاحتمالات غير منتهية من تصورات وأبحاث وجدل حول مدى الخطر العظيم والوشيك الذي سيكتسح كوكب الأرض. حيث أن جنس هذا المخلوق الفضائي متطور جداً وقد استطاع أن يصل لكوكب الأرض من مجرته البعيدة. واستطاع أن يفهم جميع الألسن البشرية بل ويعلم تاريخ البشرية فيجيب على مختلف الأسئلة دون كلل ولا ملل. مما يعني أن كوكب الأرض كان مراقباً مرصوداً تحت المجهر منذ أمد بعيد من قبل شعب هذا المخلوق الفضائي. فهذا المخلوق الأسير يتنفس هواءنا وتناسبه أرضنا مما يثير المخاوف ويؤكد أن شعب هذا الفضائي يريد أن يسكن هذا الكوكب حقّاً ويحلّ محل البشر.

فوقت خروج الدابة مناسب جداً للجو والمناخ الخيالي الذي نعيش فيه من قصص شهيرة تتحدث عن رؤية أطباق طائرة وأفلام تتحدث عن غزو مخلوقات فضائية لكوكب الأرض وكتب خيال علمي وغيره من تقدم علمي في مجالات الكمبيوتر والصناعات الالكترونية الدقيقة التي تحلم بصنع إنسان آلي يعقل ويتخاطب مع الإنسان. 

 

موقف الداروينيين

ولا ننسى معتنقي نظرية التطور الذين سينظرون للدابة الناطقة العاقلة كمخلوق أرضي استطاع أن يتطور دماغياً ولسانياً إلى مستوى الناس بل ربما فاقهم في تطوره. وسوف يعتبرون الدابة دليلاً دامغاً على صدق نظرية التطور التي كافحوا من أجلها وأخيراً ثبت صدقها بهذا المثال الحي الواقعي المحسوس.

 

موقف علماء الاستنساخ والهندسة الوراثية

وقد تظهر طائفة تقول أن هذا المخلوق الأرضي ليس سوى استنساخ بيولوجي كحال النعجة دولي وغيرها، أنجزه علماء عباقرة سرّيون تمولهم دول عظمى. وقد تدّعى جماعات لا تتورع عن الكذب أنها هي التي قامت باستنساخه، أو أنها تؤمن باستنساخه من مخلوق أرضي ما، أو ربما من مجموعة مخلوقات أرضية[90]. وربما ظهر من يطالب بتحليل جينات الدابة لتطوير الحيوانات الأخرى دماغياً لتنطق وتتفاهم مع البشر أو من يطالب بتشريح الدابة وإجراء تجارب طبية عليها في سبيل تقدم العلم أو لمعرفة طبيعتها البيولوجية والدماغية من أجل فهم جنس الدابة لأجل محاولة صدهم إن قاموا بغزو كوكب الأرض.  

 

ماذا عن المسلمين ..

هل سيحتار بعض المسلمين فيتسائل هل الحق مع المسلمين الذين أخبر قرآنهم عن دابة الأرض؟ أم أنه مع اليهود والنصارى الذين سبقت كتبهم[91] ظهور القرآن وتكلمت عن وحوش البر والبحر الخارجة قُبيل زمن رجوع المسيح الذي سيحاربها ويغلبها؟ فالدابة قد تكون أيضاً فتنة لطائفة من المسلمين الجهلة والبسطاء والمقلدين بلا فهم ولا علم، الذين قد يربكهم ويضعضع إيمانهم تأكيد اليهود والنصارى ليل نهار عبر وسائل إعلامهم الجبارة أن هذه الدابة هي الوحش المجرم الشرير الذي أخبرت عنه الأسفار منذ ما قبل الإسلام.

وربما ليس فقط العوام البسطاء بل حتى العلماء والدارسين ممن قلّدوا مدارسهم[92] تقليداً أعمى، فالدابة قد [تكلمهم بما يسوءهم][93]، مما قد يدفعهم للشك في مصداقية هذه الدابة. وقد يقفون منها موقفاً غير بعيد من موقف اليهود والنصارى الذين وكما أسلفنا سيعتبرونها إبليس في صورة مسخ غير معروف. وكثير من المسلمين اليوم يعتقدون بحلول الجانّ بجسد الناس والدواب[94]. وبالتالي فربما يوافق بعض المسلمين النصارى إن خالفتهم الدابة فيعتبرونها جسداً للمسيخ الدجال حلّ فيه الشيطان[95]، وقد يرتابوا فيها إن جاءت سوداء كالليل[96] البهيم، فيكررون ما صرح به بعض المسلمين [الدابة من نسل إبليس الرجيم][97]، وهو قول بلا شك من تأثير معتقدات أهل الكتاب. وقد يظن بعض المسلمين، كحال النصارى، أن الدابة هي المسيح اليهودي الكذاب (الأعور الدجال)، خاصة إن جاءت بعين واحدة فقط أو عمياء أو بلا عيون[98] أو عَشواء البصر.

 

فتنة الدابة

الناس لا توقن. فكل طائفة من الناس ربما سوف تسأل الدابة عن ما يهمها ويعنيها فقط، دون الالتفات أو الاكتراث لما يهم أو يعني الدابة نفسها. فالمهم عندهم هو ما يريدونه هم من الدابة، أما ما تقوله هي فليس مهماً ولا مسموعاً[99]. وأكثر الناس لن يصغوا لما تقوله الدابة، وجل اهتمامهم سيكون فقط في الاستغراب من منظرها والاندهاش من قدرتها على الفهم والتخاطب. وغالب الناس وخاصة أهل الكتاب سيقفون من الدابة موقف العداء الصارخ[100]، لأن كتب النصارى خاصة، تقول أنها الوحش عدو المسيح.

فهذه ستكون فتنة عظيمة جداً لجميع الناس سيهدي الله بها من يشاء ويضل بها من يشاء. فلو شاء الله هداية الناس جميعاً لفعل ذلك بكل سهولة[101]. ولأنزل الله إن شاء آية يخضعون لها الخضوع التام الكامل[102]. لكن ليس هذا هو الهدف والقصد. فالفتنة لابد منها. لأن الهدف هو التمحيص والفحص كما قال الله [{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (2) {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (3) سورة العنكبوت]. فمن تكبّر واستعمى فستحقّ عليه الآية [{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ} (146) سورة الأعراف].

 

 



[1] الأرجح أن الدابة ستكون في هذه الدنيا قبل البعث، حيث يبدو من ظاهر الآيات أن الحشر (يوم القيامة) يأتي بعد خروج الدابة [وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) النمل].

[2] الدابة لن تكون إنساناً، لأن التشويق والتعجّب والغرابة ستنعدم، فلن يأبه أكثر الناس لإنسان يخاطبهم. والإنسان في النهاية يملّ ويتعب ويسأم إذا أكثر الحديث مع الناس، بينما عمل الدابة الأول والأخير هو التكلم مع الناس.

[3] لم يحدث حتى اليوم أن شهد البشر مخلوقاً أرضياً غير بشري يعقل ويفهم ويدرك ويستوعب أمور البشر وعلومهم وحياتهم ويتكلم ويتخاطب معهم بجميع ألسنتهم. وعندما تحقق الدابة ذلك فسيكون حدثاً غير مسبوق ولا مثيل له.

[4] الآية الكريمة اختصرت مهمة الدابة أو مجمل حديثها في شأن " أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ".

[5] لعل الله يخلقها ويهيئها لهذا الأمر. وطبع الناس عموماً أنهم يفقدون التركيز من طول الاستماع للمتحدث خلال نصف ساعة تقريباً. لكن إن كان هناك تفاعل وحوار وتجاذب وتبادل للحديث فإن الإنسان لا يشعر بمرور الوقت. ونجد ذلك واضحاً على سبيل المثال في استخدام جهاز الكمبيوتر الذي يتفاعل ويستجيب لنا كأنه يتحاور معنا فيرد على كل كلمة أو أمر نخاطبه به، ولذلك لا نحس معه بالملل ولا الفتور إلا بعد مضي ساعات عدّة. وهذا لعله سيكون حال دابة الأرض [تُكَلِّمُهُمْ]، أي ستتفاعل معنا في التخاطب والتحاور مهما صغر الشأن أو عظم، وإذن فلن نملّ منها أو نشعر بالوقت.

[6] قد تستطيع دابة الأرض التخاطب مع أكثر من شخص في آن واحد. وكلام الدابة قد لا يكون فقط من خلال الصوت المسموع، بل قد يكون بطرق متنوعة كالإشارات والإيحاء والكتابة والتخاطب عن بعد وغيره. وقد تمتلك الدابة قدرات علمية عالية تمكنها من أن تستخدم جميع وسائل الاتصال المتوفرة في زمانها أثناء التخاطب مع الناس.

[7] وهذه الدابة الجديدة ليست ناقة صالح أو فصيلها الذي تخرّص بعضهم وزعم أنه لما هرب دخل بجوف حجر ثم انطبق عليه، فقالوا إذن هو الدابة التي ستخرج. وليست الدابة الجساسة (وكيف تكون وهي تَجُسُّ الأخْبار للدَّجال)، ولا المهدي المنتظر. وغلا بعضهم في علي بن أبي طالب فاعتبره الدابّة، بينما دابّة الأرض ليست بشراً، ولم تخرج بعد حتى الآن. وعلي بن أبي طالب لن يعود بالدنيا. فالقانون القرآني العام أن بعث الأموات لا يكون إلا يوم القيامة، أما في هذه الحياة الدنيا فإن الله لا يبعث أبداً من مات أو قتل، إلا إذا نص القرآن بآية صريحة واضحة على بعث ذلك المخلوق في هذه الدنيا بعد موته.

[8] لن تكون الدابة من جنس أي مخلوق أرضي كسائر الحيوانات المعروفة من دواب وطيور وأسماك وغيره. فكما خلق الله آدم بلا والد، وكما خلق الله ناقة صالح بلا والد (والتي أظنها أصل النوق العربية والله أعلم)، وكما خلق الله ثعبان موسى بلا والد، وكما خلق الله طير عيسى بلا والد، كذلك سيكون خلق دابة الأرض (بلا والد).

[9] إخراج الدابة سيكون من الأرض مباشرة، وليس من مخلوق حي أسبق (ولادة أو نسلاً). أي أن أصلها ووالدها هو الأرض مباشرة، كآدم عليه السلام (ليس ولادة من بشر أو مخلوق سابق)، وكما سنخرج من الأرض يوم القيامة [ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) الروم / وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) نوح / مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) طه].

[10] ولو سألت نصرانياً اليوم عن وحشهم (أو وحوشهم ) لقال لك بكل يقين أن وحش الإنجيل ليس وحشاً حقيقياً، وإنما مجرد صور أحلام لوحوش ترمز لملك أو كاهن أو مملكة أو سلطة دينية أو سياسية.

[11] اقتباس مؤلف سفر دانيال من قصة يوسف واضح. مثلاً نرى هنا دانيال يتقمص شخصية يوسف في تفسير الأحلام [دانيال 1/17 وَكَانَ دَانِيآلُ فَطِناً فِي تَفْسِيرِ جَمِيعِ الرُّؤَى وَالأَحْلاَمِ]. وهنا نرى الملك البابلي يسلط دانيال على بابل كما سلط الملك المصري يوسف على مصر [دانيال 2: 48ثُمَّ عَظَّمَ الْمَلِكُ دَانِيآلَ .. وَسَلَّطَهُ عَلَى كُلِّ وِلاَيَةِ بَابِلَ، وَأَقَامَهُ رَئِيساً عَلَى كُلِّ حُكَمَاءِ بَابِلَ وَوُلاَتِهَا].

[12] وهو الملك السلوقي انطاكيوس الرابع الذي كان يفتك باليهود ويضطهدهم بلا رحمة والذي حكم نحو ( 175- 164 ق.م) [دانيال 11/36وَيَصْنَعُ الْمَلِكُ مَا يَطِيبُ لَهُ، وَيَتَعَظَّمُ عَلَى كُلِّ إِلَهٍ، وَيُجَدِّفُ بِالْعَظَائِمِ عَلَى إِلَهِ الآلِهَةِ، وَيُفْلِحُ، إِلَى أَنْ يَحِينَ اكْتِمَالُ الْغَضَبِ إِذْ لاَبُدَّ أَنْ يَتِمَّ مَا قَضَى اللهُ بِهِ]. وقد جاء في حديث ذكر إبليس أنطاكية (لعله انطاكيوس وحش اليهود) [الدر المنثور – السيوطي: وتخرج دابة الأرض من صدع في الصفا ، فأول خطوة تضعها بانطاكية ، فتأتي إبليس فتخطمه]. وأنطاكية أسسها سلوق اليونان وكانت قصبة مملكتهم. وقد أدرك ابن كثير أن هذا من كتب أهل الكتاب [النهاية في الفتن والملاحم – ابن كثير: قَال: ثُمّ تَخْرجُ دَابَّةُ الأَرْض مِنْ صَدْع فِي الصَّفَا قال: فَأوَّلُ خُطْوَةٍ تَضَعُها بِإِنطَاكِيَّةَ، فَيأتي إِبْلِيسُ فَتَلطِمُه " . وهذا غريب جداً ورفعه فيه نكارة ولا بد أنه من المزملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بأشياء غرائب. وقد تقدم في خبر ابن مسعود الذي رواه أبو نعيم بن حماد في الفتن أن الدابة تقتل إبليس، وهذا من أغرب الأخبار، والله تعالى أعلم].

[13] أُلّف سفر دانيال في القرن الثاني قبل الميلاد، ولكن نُسب للقرن السادس قبل الميلاد. والاسم دانيال معناه دين إيل (= قضاء وحكم وقدر إيل). ولا يوجد نبي اسمه دانيال كما يقص عنه السفر، ولكن لأن هذا السفر يروي قضاء الله وحكمه المستقبلي القادم [دانيال 7: 10 فجلس الدين و فتحت الاسفار (= دينأ يتب وسفرين فتيحو)/ دانيال 7: 22 واعطي الدين لقديسي العلي (=ودينأ يهب لقديشي عليونين)] من خلال رؤى نبي وهمي، فقد سُمّي هذا النبي بالفكرة التي يتحدث عنها السفر (وهي قضاء الله وحكمه) أو دين إيل (دانيال).

[14]  jewishencyclopedia.com: The Book of Daniel was written during the persecutions of Israel by the Syrian king Antiochus Epiphanes.

[15] كما نرى في مؤلفات المسلمين ككتاب كليلة ودمنة مثلاً.

[16] ونلاحظ أن كتب الفتن (مثل كتاب الفتن لنعيم بن حماد) تكاد تسير على نفس منوال كتب الرؤى والأحلام التي لأهل الكتاب. حيث تقوم هذه الكتب بعد أن تزعم أنها وجدت ذلك بالتوراة [الفتن للمروزي :فقال كعب أجد في التوراة]، بذكر أحداث تاريخية ماضية قد خلت وانقضت وانتهت قبل زمن تأليف تلك الكتب، ثم تقوم بعد ذلك تلك الكتب بصياغة تلك الأحداث الماضية بصورة مستقبلية وكأنها لم تحدث بعد، وبطريقة أقرب إلى الرمزية وعدم التصريح.

[17] ومن سبق اليونان من الدول والملوك كبابل وماذي وفارس.

[18] [ دانيال 7/ 3وَمَا لَبِثَ أَنْ صَعِدَ مِنَ الْبَحْرِ أَرْبعَةُ حَيَوَانَاتٍ عَظِيمَةٍ .. 4فَكَانَ الأَوَّلُ كَالأَسَدِ بِجَنَاحَيْنِ كَجَنَاحَيِ النَّسْرِ. وَبَقِيتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى اقْتُلِعَ جَنَاحَاهُ، وَانْتَصَبَ عَلَى الأَرْضِ وَاقِفاً عَلَى رِجْلَيْنِ كَإِنْسَانٍ، وَأُعْطِيَ عَقْلَ إِنْسَانٍ. 5وَرَأَيْتُ حَيَوَاناً آخَرَ شَبِيهاً بِالدُّبِّ، .. 6ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْدَ هَذَا حَيَوَاناً آخَرَ مِثْلَ النَّمِرِ، لَهُ عَلَى ظَهْرِهِ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ كَأَجْنِحَةِ الطَّائِرِ، وَكَانَ لِهَذَا الْحَيَوَانِ أَرْبَعَةُ رُؤُوسٍ، ..  7وَشَهِدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا بِحَيَوَانٍ رَابِعٍ هَائِلٍ وَقَوِيٍّ وَشَدِيدٍ جِدّاً، ذِي أَسْنَانٍ ضَخْمَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، افْتَرَسَ وَسَحَقَ وَدَاسَ مَا تَبَقَّى بِرِجْلَيْهِ. وَكَانَ يَخْتَلِفُ عَنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي قَبْلَهُ وَلَهُ عَشَرَةُ قُرُونٍ. 8وَفِيمَا كُنْتُ أَتَأَمَّلُ الْقُرُونَ إِذَا بِقَرْنٍ آخَرَ صَغِيرٍ نَبَتَ بَيْنَهَا، وَاقْتُلِعَتْ ثَلاَثَةُ قُرُونٍ مِنْ أَمَامِهِ، وَكَانَ فِي هَذَا الْقَرْنِ عُيُونٌ كَعُيُونِ الإِنْسَانِ وَفَمٌ يَنْطِقُ بِعَظَائِمَ. ..  11وَبَقَيتُ أُرَاقِبُ الْقَرْنَ مِنْ جَرَّاءِ مَا تَفَوَّهَ بِهِ مِنْ عَظَائِمَ، حَتَّى قُتِلَ الْحَيَوَانُ وَتَلِفَ جِسْمُهُ وَطُرِحَ وَقُوداً لِلنَّارِ. 12أَمَّا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ فَقَدْ جُرِّدَتْ مِنْ سُلْطَانِهَا، .. 20 هَذَا الْقَرْنُ ذُو الْعُيُونِ النَّاطِقُ بِالْعَظَائِمِ ..]. وطبعاً أراد الكاتب اليهودي من هذه الحيوانات وما أدمجه فيها من أعضاء حيوانية أخرى مختلفة أن يعبر عن فكرة في رأسه قام بتفسيرها أو الإشارة إليها. وربما تأثّر بعض المفسرين بأوصاف وحوش اليهود المدمجة من عدة حيوانات دون أن يفهموا المعنى الذي أراده الكاتب اليهودي، فجعلوا الدابة تتكون من أعضاء حيوانات متنوعة بشكل اعتباطي بلا هدف [ الدر المنثور للسيوطي: .. وصف الدابة فقال: رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هرة، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، ..].

[19] سفر دانيال : 7: 3 و صعد من البحر اربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك 7: 4 الاول كالاسد و له جناحا نسر و كنت انظر حتى انتتف جناحاه و انتصب عن الارض و اوقف على رجلين كانسان و اعطي قلب انسان 7: 5 و اذا بحيوان اخر ثان شبيه بالدب فارتفع على جنب واحد و في فمه ثلاثة اضلع بين اسنانه فقالوا له هكذا قم كل لحما كثيرا 7: 6 و بعد هذا كنت ارى و اذا باخر مثل النمر و له على ظهره اربعة اجنحة طائر و كان للحيوان اربعة رؤوس و اعطي سلطانا 7: 7 بعد هذا كنت ارى في رؤى الليل و اذا بحيوان رابع هائل و قوي و شديد جدا و له اسنان من حديد كبيرة اكل و سحق و داس الباقي برجليه و كان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله و له عشرة قرون 7: 8 كنت متاملا بالقرون و اذا بقرن اخر صغير طلع بينها و قلعت ثلاثة من القرون الاولى من قدامه و اذا بعيون كعيون الانسان في هذا القرن و فم متكلم بعظائم 7: 9 كنت ارى انه وضعت عروش و جلس القديم الايام لباسه ابيض كالثلج و شعر راسه كالصوف النقي و عرشه لهيب نار و بكراته نار متقدة 7: 10 نهر نار جرى و خرج من قدامه الوف الوف تخدمه و ربوات ربوات وقوف قدامه فجلس الدين و فتحت الاسفار 7: 11 كنت انظر حينئذ من اجل صوت الكلمات العظيمة التي تكلم بها القرن كنت ارى الى ان قتل الحيوان و هلك جسمه و دفع لوقيد النار 7: 12 اما باقي الحيوانات فنزع عنهم سلطانهم و لكن اعطوا طول حياة الى زمان و وقت 7: 13 كنت ارى في رؤى الليل و اذا مع سحب السماء مثل ابن انسان اتى و جاء الى القديم الايام فقربوه قدامه 7: 14 فاعطي سلطانا و مجدا و ملكوتا لتتعبد له كل الشعوب و الامم و الالسنة سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول و ملكوته ما لا ينقرض 7: 15 اما انا دانيال فحزنت روحي في وسط جسمي و افزعتني رؤى راسي 7: 16 فاقتربت الى واحد من الوقوف و طلبت منه الحقيقة في كل هذا فاخبرني و عرفني تفسير الامور 7: 17 هؤلاء الحيوانات العظيمة التي هي اربعة هي اربعة ملوك يقومون على الارض 7: 18 اما قديسو العلي فياخذون المملكة و يمتلكون المملكة الى الابد و الى ابد الابدين 7: 19 حينئذ رمت الحقيقة من جهة الحيوان الرابع الذي كان مخالفا لكلها و هائلا جدا و اسنانه من حديد و اظفاره من نحاس و قد اكل و سحق و داس الباقي برجليه 7: 20 و عن القرون العشرة التي براسه و عن الاخر الذي طلع فسقطت قدامه ثلاثة و هذا القرن له عيون و فم متكلم بعظائم و منظره اشد من رفقائه 7: 21 و كنت انظر و اذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم.

[20] الحيوان أو الوحش الأول يمثل بابل والثاني ماذي والثالث فارس والرابع اليونان. ثم نجد القرون رموز لملوك، والقرن الأخير الناطق هو الملك اليوناني السلوقي انطاكيوس الرابع الذي اضطهد اليهود قبيل مجيء المسيح بنحو قرن ونصف[ دانيال 7/ 17«هَذِهِ الْحَيَوَانَاتُ الأَرْبَعَةُ الْعَظِيمَةُ هِيَ أَرْبَعَةُ مُلُوكٍ يَظْهَرُونَ عَلَى الأَرْضِ. 19حِينَئِذٍ أَرَدْتُ أَنْ أَطَّلِعَ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَيَوَانِ الرَّابِعِ ..  23فَأَجَابَ: إِنَّ الْحَيَوَانَ الرَّابِعَ هُوَ رَمْزٌ لِلْمَمْلَكَةِ الرَّابِعَةِ عَلَى الأَرْضِ، .. 24أَمَّا الْقُرُونُ الْعَشَرَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَمْلَكَةِ فَهِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ يَتَوَلَّوْنَهَا، ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَهُمْ مَلِكٌ آخَرُ.. ]. /دانيال  7: 16 فاقتربت الى واحد من الوقوف و طلبت منه الحقيقة في كل هذا فاخبرني و عرفني تفسير الامور 7: 17 هؤلاء الحيوانات العظيمة التي هي اربعة هي اربعة ملوك يقومون على الارض ... 7: 23 فقال هكذا اما الحيوان الرابع فتكون مملكة رابعة على الارض مخالفة لسائر الممالك فتاكل الارض كلها و تدوسها و تسحقها 7: 24 و القرون العشرة من هذه المملكة هي عشرة ملوك يقومون و يقوم بعدهم اخر و هو مخالف الاولين و يذل ثلاثة ملوك 7: 25 و يتكلم بكلام ضد العلي و يبلي قديسي العلي و يظن انه يغير الاوقات و السنة و يسلمون ليده الى زمان و ازمنة و نصف زمان.

[21] [ دانيال 8/ 3فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَإِذَا بِي أَرَى كَبْشاً وَاقِفاً عِنْدَ النَّهْرِ، وَلَهُ قَرْنَانِ طَوِيلاَنِ. إِنَّمَا أَحَدُهُمَا أَطْوَلُ مِنَ الآخَرِ، مَعَ أَنَّ الأَطْوَلَ نَبَتَ بَعْدَ الأَوَّلِ. 4وَرَأَيْتُ الْكَبْشَ يَنْطَحُ غَرْباً وَشِمَالاً وَجَنُوباً، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْرُؤَ أَيُّ حَيَوَانٍ عَلَى مُقَاوَمَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ مُنْقِذٍ مِنْهُ، فَفَعَلَ كَمَا يَحْلُو لَهُ وَعَظُمَ شَأْنُهُ 5وَبَيْنَمَا كُنْتُ مُتَأَمِّلاً، أَقْبَلَ تَيْسٌ مِنَ الْمَغْرِبِ عَبَرَ كُلَّ الأَرْضِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهَا. وَكَانَ لِلتَّيْسِ قَرْنٌ بَارِزٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. 6وَانْدَفَعَ بِكُلِّ شِدَّةِ قُوَّتِهِ نَحْوَ الْكَبْشِ ذِي الْقَرْنَيْنِ الَّذِي رَأَيْتُهُ وَاقِفاً عِنْدَ النَّهْرِ. 7وَمَا إِنْ وَصَلَ إِلَيْهِ حَتَّى هَجَمَ عَلَيْهِ وَضَرَبَهُ وَحَطَّمَ قَرْنَيْهِ، فَعَجَزَ الْكَبْشُ عَنْ صَدِّهِ. وَطَرَحَهُ التَّيْسُ عَلَى الأَرْضِ وَدَاسَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْكَبْشِ مَنْ يُنْقِذُهُ مِنْ يَدِهِ. 8فَعَظُمَ شَأْنُ التَّيْسِ..] .

[22] وقد عُرف أحد الملوك القدماء حقاً باسم ذي القرنين كما أكّد ذلك القرآن العظيم. وهو على الأرجح ملك فارس قورش العظيم الذي قهر الشرق والغرب وكوّن مملكة فارس التي لم يسبق للبشرية قبلها أن شهدت دولة أضخم منها. وتسميته بذي القرنين فيعود لفتحه لممالك المشرق والمغرب (أي أنه بلغ بفتوحاته العسكرية قرني الشمس شرقها وغربها) وضمّها في مملكة واحدة عظيمة لم يعرف الناس أوسع منها حتى ذلك الوقت. [{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ } (86) سورة الكهف]،[ {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ } (90) سورة الكهف]. فلا أحد قبل قورش الفارسي حاز على قرني الشمس (الشرق والغرب) فكان حقّاً يستحق لقب ذي القرنين، وثم من بعده قلدته الملوك كالإسكندر المقدوني وغيره.

[23]  [دانيال 8/ 20إِنَّ الْكَبْشَ ذَا الْقَرْنَيْنِ الَّذِي رَأَيْتَهُ هُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ. 21وَالتَّيْسَ الأَشْعَرَ هُوَ مَلِكُ الْيُونَانِ، وَالْقَرْنَ الْعَظِيمَ النَّابِتَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ هُوَ الْمَلِكُ الأَوَّلُ].

[24] [دانيال 4/وَأَوْثِقُوهُ بَقَيْدٍ مِنْ حَدِيدٍ وَنُحَاسٍ فِي وَسَطِ عُشْبِ الْحَقْلِ، لِيَبْتَلَّ بِنَدَى السَّمَاءِ، وَلْيَكُنْ طَعَامُهُ مِنْ عُشْبِ الْحَقْلِ مَعَ الْبَهَائِمِ. 16وَلْيَتَحَوَّلْ عَقْلُهُ مِنْ عَقْلِ إِنْسَانٍ إِلَى عَقْلِ حَيَوَانٍ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَزْمِنَةٍ].

[25] أُلّف سفر الرؤيا بعد دمار أورشلم، فقيل بعد سنة 70م، وقيل بعد سنة 96 م. وهذا السفر (سفر الرؤيا) ارتاب فيه كثير من علماء النصارى ورفضه العديد منهم.

[26] سفر الرؤيا كله رموز حيوانية ربما كان القصد منها التبسيط، وربما الإثارة والتشويق، وربما الخوف من بطش ملوك الروم (الوحش البحري) وعبيدهم اليهود أو الكهنة أو الحكّام المحليين (الوحش البري). لذلك أعرض المؤلف عن التصريح بالأسماء المحددة. ولا تؤخذ تلك الرموز الحيوانية في السفر على حقيقتها، وهذا باعتراف سفر الرؤيا نفسه. وجميع علماء النصارى متفقون أنها ليست حيوانات حقيقية وإنما مجرد تصاوير ورموز لشخصيات بشرية وممالك. فهذه الحيوانات بالسفر ليست إلا تصاوير رؤى ويؤيد ذلك أن السفر النصراني نفسه اسمه الرؤيا (ومثله رؤى دانيال بسفره). وقد أسرف هذا الكاتب في التصوير الرمزي سواء بالحيوان أو الطبيعة في الإشارة للمسيح والعذاب والأعداء من ملوك وشعوب وشياطين وغيرها.

[27] سفر الرؤيا النصراني بشكل عام مجرد نقل واقتباس سافر مفضوح من سفر دانيال اليهودي الذي سبقه باكثر من قرنين. ويعتقد النصارى أن كاتب سفر الرؤيا يوحنا قد كبّه القيصر في النار أو الحميم لكنه نجا من ذلك بمعجزة. وهذا يفضح النقل أكثر، حيث أن دانيال اليهودي قد سبق يوحنا النصراني في تأفك هذه الحكاية، حيث زعم دانيال أنه قد قُذف بأصحابه في النار فنجوا. وواضح أن المؤلفين الكاذبين قد اقتبسا هذا من واقعة حقيقية حدثت لإبراهيم عليه السلام حين قذفه قومه في النار فأنجاه الله.

[28] وحوش اليهود بسفر دانيال هي أصل وحوش النصارى بسفر الرؤيا. ولكن اليهود قصدوا بوحوشهم ملوك اليونان وأذيالهم من الكهنة اليهود. ثم أعاد النصارى من بعد اليهود تشكيل وصياغة ذلك الوحش اليهودي ليقصدوا به ملوك الروم ومن خضع لهم من الكهنة.

[29] ربما قصد سفر الرؤيا بشكل خاص القيصر نيرون (حكم 54 – 68م) وربما قائده طيطوس (أصبح قيصراً خلال 79-81م) الذي دمّر أورشلم سنة 70م وقتل من اليهود ما يزيد على المئة ألف وساق مثلهم للأسر [( رؤيا 13: 10 من كتب عليه أن يساق إلى الأسر فإلى الأسر يساق ومن كتب عليه أن يقتل بالسيف فبالسيف يقتل .هنا صبر القديسين وإيمانهم)]، والعبارة مستعارة من سفر إرميا اليهودي.

[30]  wikipedia.org: Book of Revelation: Second century Christians in Syria rejected it  . In the fourth century, Gregory of Nazianzus and other bishops argued against including Revelation ...  In the sixteenth century, Martin Luther initially considered it to be "neither apostolic nor prophetic" ..... and placed it in his ... list of questionable documents.  /meandertravel.com: Book of Revelation:In the 4th century, St. John Chrysostom and other bishops argued against including this book in the New Testament canon, .... Christians in Syria also reject it .... In the 9th century, it was included with the Apocalypse of Peter among "disputed" books / newadvent.org,Catholic Encyclopedia > A > Apocalypse: During the fourth and fifth centuries the tendency to exclude the Apocalypse from the list of sacred books continued to increase in the Syro-Palestinian churches. Eusebius expresses no definite opinion. He contents himself with the statement: "The Apocalypse is by some accepted among the canonical books but by others rejected" (Church History III.25). St. Cyril of Jerusalem does not name it among the canonical books (Catechesis IV.33-36); nor does it occur on the list of the Synod of Laodicea, or on that of Gregory of Nazianzus. Perhaps the most telling argument against the apostolic authorship of the book is its omission from the Peshito, the Syrian Vulgate

[31]  وهذه ترجمة مختصرة للنصوص اللاتينية السابقة حسب ترتيبها [نصارى القرن الثاني في سوريا رفضوا سفر الرؤيا. وفي القرن الرابع جادل غريغوري النيزنزى وأساقفة آخرون ضد سفر الرؤيا .... وفي القرن السادس عشر اعتبر مارتن لوثر هذا السفر في البداية "لا رسولي ولا نبوي"..... ووضعه في قائمة... له من وثائق مشكوك فيها../ في القرن 4 ، جادل القديس يوحنا وأساقفة آخرون ضد إلحاق سفر الرؤيا بأسفار العهد الجديد القانونية...  كما رفضه المسيحيون في سوريا.... وفي القرن 9 ، وضع في سفر بطرس ضمن الأسفار "المتنازع عليها"/خلال القرنين الرابع والخامس استمر ميل استبعاد سفر الرؤيا من لائحة الكتب المقدسة في الكنائس السريانية الفلسطينية في الازدياد. يوسابيوس لم يعبر عن رأي محدد، واكتفى بهذا البيان : "سفر الرؤيا مقبول لدى البعض ومرفوض لدى البعض الآخر". والقديس كيرلس المقدسي لا يسميه ضمن الكتب القانونية. ولم تتضمنه لائحة مجلس اللاذقية أو لائحة غريغوريوس النزينزي. ولعل أكبر تعبير عن رفض قانونية سفر الرؤيا هو حذفه من النسخة السورية اللاتينية للانجيل المعروفة بالبسيطة].

[32] الوحش البحري الأكبر  الذي يخرج من البحر لا يقصد به النصارى حيواناً حقيقياً وإنما أرادوا ملكاً آدمياً طاغياً من قبل  الجزر والبحار، أي مملكة الروم التي قهرت وأذلّت اليهود والنصارى بعد المسيح. فالوحش البحري هو ملك أو مملكة أو سلطان أو سلطة عظيمة شريرة خارجية أجنبية (الروم) جاءت من نحو البحر. وربما حدد النصارى الوحش بأحد الملوك الرومان [عَدَدَ اسْمِ الْوَحْشِ. إِنَّهُ عَدَدٌ لإِنْسَانٍ] قيل أنه القيصر نيرون حسب اسم الوحش (666).

[33] مقصود النصارى بالوحش (الأرضي) في كتبهم هو أنه كاهن وثني أو رئيس كهنة اليهود بفلسطين أو رئيس كنيسة خاضعة للروم في آسيا الصغرى). فالنصارى يقصدون بهذا الوحش الأرضي نبياً دجّالاً أو مسيحاً مزيّفاً يخدم أسياده الروم. وربما قصد النصارى بالوحش الأرضي اليهود عموماً ممن رفض المسيح ابن مريم الذين تعاونوا مع الروم ضد النصارى. أو أن الوحش هو أحد الحكام والولاة الرومان في ذلك الإقليم المحلي. فالوحش الأرضي (حاكم، كاهن، قائد، ..) هو عبد وخادم وتابع للوحش البحري (ملك الروم). فالوحش الأرضي هو (عبد خاضع)  يمثل كاهناً أكبر (كتابياً أو وثنياً) أو حاكماً أو طائفة بفلسطين (أو آسيا الصغرى على الأرجح لأنه بها كتب سفر الرؤيا) سواء من اليهود أو الروم  يخضع لسلطة الوحش البحري (الروم أو أحد ملوكها). فوحش البر هو السلطة الدينية المحلية (كسلطة اليهود في فلسطين أو سلطة نصرانية كهنوتية في آسيا الصغرى) التي تتبع الروم وتخضع لسلطانهم وتنفذ مآربهم في محاربة واضطهاد مواطنيها من المؤمنين.

[34] ونجد أن النصارى يستطيعون أن يجعلوا هذا الأمر ينطبق على دول عدة في أزمنة مختلفة، مثل أمريكا (الوحش الأكبر) وإسرائيل (الوحش الأصغر)، وهكذا. فالوحش البحري الأكبر عموماً هو فرعون العصر (دولة العصر العظمى). والوحش الأرضي الأصغر عموماً هو كاهن العصر أو الوزير هامان (السلطة الدينية التابعة أو الحكومة المحلية الخاضعة) الذي يتبع سلطة ذلك الفرعون. وكلا الوحشين يخضعان لإبليس ويخدمانه.

[35]  الوحش البحري بمعنى ملك غريب أجنبي بعيد من وراء البحر (اليونان عند اليهود، والروم عند النصارى). وهذا الوحش بدوره عبد وخادم للشيطان (التنين).   

[36]  [الرؤيا 13/ ثُمَّ رَأَيْتُ نَفْسِي وَاقِفاً عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، وَإِذَا وَحْشٌ خَارِجٌ مِنَ الْبَحْرِ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، عَلَى كُلِّ قَرْنٍ مِنْهَا تَاجٌ، ..  2وَبَدَا هَذَا الْوَحْشُ مِثْلَ النَّمِرِ وَلَهُ قَوَائِمُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ وَفَمٌ كَفَمِ أَسَدٍ! وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَةً عَظِيمَةً. 3وَبَدَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤُوسِهِ ..  فَتَعَجَّبَ سُكَّانُ الأَرْضِ لِذَلِكَ، وَتَبِعُوا الْوَحْشَ. 4وَسَجَدَ النَّاسُ لِلتِّنِّينِ لأَنَّهُ وَهَبَ الْوَحْشَ سُلْطَتَهُ، وَعَبَدُوا الْوَحْشَ ..  5وَأَعْطَى التِّنِّينُ الْوَحْشَ فَماً يَنْطِقُ بِكَلاَمِ الْكِبْرِيَاءِ وَالتَّجْدِيفِ، ..  8فَيَسْجُدُ لِلْوَحْشِ جَمِيعُ سُكَّانِ الأَرْضِ الَّذِينَ لَمْ تُكْتَبْ أَسْمَاؤُهُمْ ..]

[37] سفر الرؤيا [13: 4 و سجدوا للتنين الذي اعطى السلطان للوحش وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش من يستطيع ان يحاربه 13: 5 و اعطي فما يتكلم بعظائم و تجاديف و اعطي سلطانا ان يفعل اثنين و اربعين شهرا 13: 6 ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه و على مسكنه و على الساكنين في السماء]

[38] [الرؤيا 13/ 14 .. وَأَمَرَ سُكَّانَ الأَرْضِ أَنْ يُقِيمُوا تِمْثَالاً لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ ..  15وَأُعْطِيَ سُلْطَةً عَلَى أَنْ يَبْعَثَ الرُّوحَ فِي التِّمْثَالِ لِيَنْطِقَ، ..  16وَأَنْ يَأْمُرَ الْجَمِيعَ، ..]. وقد قيل أن الإمبراطور ذومطيانش (دوميتيان) أول من طلب عبادته وألحّ عليها وعاقب. كما كان يطلب أن يُخاطب بعبارة "إلهنا وربنا". وهذا القيصر له معبد ضخم بأفسوس به صنمه بطول 23 قدماً، وكان أول معبد بأفسوس بآسيا الصغرى لعبادة إمبراطور. وقياصرة الروم منذ عهد يوليوس قيصر قد دأبوا على التألّه كبقية ملوك الشرق القدماء واليونان (مثلاً الإسكندر سمّى نفسه ابن الإله آمون كسائر ملوك مصر القدماء). ووجد نقش ليوليوس قيصر يُنعت فيه باسم (تجلّي أو ظهور الإله). وكان له صنم في معبد أكبر آلهة الروم، وصورته كانت تُحمل مع صورة إله الروم،كما أقر مجلس الشيوخ أن يكون لقيصر صنم وكاهن في كل معابد شرق رومية. وقد ساهم ذلك في اغتياله وبعد موته أُعلن إلهاً رسميا للبلاد وسمّي شهر يوليو باسمه. وخلفه القيصر أغسطس الذي سمّى نفسه ابن الإله (أي ابن الإله يوليوس قيصر) في الأقاليم خارج روميّة وأقام المعابد والكهنة لعبادته وتقديم القرابين له وبعد موته أعلنه مجلس الشيوخ إلهاً رسمياً للروم وسُمّي شهر أغسطس به. وقد طغت عبادة الإمبراطور الرومي في عهد نيرون وذومطيانش اللذين نكّلا بالنصارى وبطشا بهم بلا رحمة. وكان كثير من القياصرة متألهين ويُنعتون بالإله أو ابنه. وكانوا يأمرون الناس بعبادتهم أو يبطشون بمن أبى. 

[39] حين تخرج دابة الأرض، قد يعتبرها النصارى وحشهم البحري فيظنوها خرجت من البحر.

[40] سفر الرؤيا 13/ 11ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشاً آخَرَ خَارِجاً مِنَ الأَرْضِ، لَهُ قَرْنَانِ صَغِيرَانِ كَقَرْنَيْ خَرُوفٍ، وَلَكِنَّ صَوْتَهُ كَصَوْتِ تِنِّينٍ، 12وَقَدِ اسْتَمَدَّ سُلْطَتَهُ مِنَ الْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْبَحْرِ ..  فَجَعَلَ سُكَّانَ الأَرْضِ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ ..  13وَقَامَ الْوَحْشُ الثَّانِي بِآيَاتٍ خَارِقَةٍ، .. 14فَخَدَعَ سُكَّانَ الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِي كَانَ يَقُومُ بِهَا فِي حُضُورِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ. وَأَمَرَ سُكَّانَ الأَرْضِ أَنْ يُقِيمُوا تِمْثَالاً لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ .. وَأُعْطِيَ سُلْطَةً عَلَى أَنْ يَبْعَثَ الرُّوحَ فِي التِّمْثَالِ لِيَنْطِقَ، وَأَنْ يَمُدَّ يَدَهُ فَيَقْتُلُ كُلَّ مَنْ يَرْفُضُ السُّجُودَ لِتِمْثَالِ الْوَحْشِ، 16وَأَنْ يَأْمُرَ الْجَمِيعَ، ..  أَنْ يَحْملُوا عَلاَمَةَ عَلَى أَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جِبَاهِهِمْ، 17فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ عَلاَمَةُ الْوَحْشِ، أَوِ الرَّقْمُ الَّذِي يَرْمِزُ لاسْمِهِ!  18 ..  يَحْسُبُوا عَدَدَ اسْمِ الْوَحْشِ. إِنَّهُ عَدَدٌ لإِنْسَانٍ، ..

[41] سفر الرؤيا [13: 11 ثم رايت وحشا اخر طالعا من الارض و كان له قرنان شبه خروف و كان يتكلم كتنين 13: 12 و يعمل بكل سلطان الوحش الاول امامه و يجعل الارض و الساكنين فيها يسجدون للوحش الاول الذي شفي جرحه المميت 13: 13 و يصنع ايات عظيمة حتى انه يجعل نارا تنزل من السماء على الارض قدام الناس 13: 14 و يضل الساكنين على الارض بالايات التي اعطي ان يصنعها امام الوحش قائلا للساكنين على الارض ان يصنعوا صورة للوحش الذي كان به جرح السيف و عاش 13: 15 و اعطي ان يعطي روحا لصورة الوحش حتى تتكلم صورة الوحش و يجعل جميع الذين لا يسجدون لصورة الوحش يقتلون 13: 16 و يجعل الجميع الصغار و الكبار و الاغنياء و الفقراء و الاحرار و العبيد تصنع لهم سمة على يدهم اليمنى او على جبهتهم 13: 17 و ان لا يقدر احد ان يشتري او يبيع الا من له السمة او اسم الوحش او عدد اسمه 13: 18 هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فانه عدد انسان و عدده ست مئة و ستة و ستون]

[42] ذلك لأن كتب اليهود والنصارى تشبه بني إسرائيل عموماً بالخراف، كما جعل النصارى المسيح خروفاً وحملاً. وقد جعل ذلك الوحش الذي بقرني خروف [سفر الرؤيا 13: 11 يتكلم كتنين]، للإيحاء أنه شيطان أو عبد له، لأن التنين بهذا السفر  يمثل الشيطان. 

[43] النصارى يقصدون بهذه الدواب الحيوانية المختلفة الإنسان، وحتى إبليس رمزوا له بالحيّة والتنين والوحش وغيره. وهذا يشبه صنيع ببعض المسلمين الذين جعلوا الدابة علي بن أبي طالب أو المهدي.

[44] قارن في هذا النص الوحش الثاني وهو الوحش الأرضي [ الرؤيا 13/13وَقَامَ الْوَحْشُ الثَّانِي بِآيَاتٍ خَارِقَةٍ، .. 14فَخَدَعَ سُكَّانَ الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِي كَانَ يَقُومُ بِهَا فِي حُضُورِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ] مع هذا النص الذي يذكر النبي الدجال [ الرؤيا 19/ 20فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ وَعَلَى النَّبِيِّ الدَّجَّالِ الَّذِي قَامَ بِالْمُعْجِزَاتِ فِي حُضُورِ الْوَحْشِ]. نجد أن (الوحش الثاني الصغير البري المحلي) هو كاهن (نبي دجال، مسيح كاذب)، أي أنه سلطة دينية محلية (يهودية أو مسيحية، وربما وثنية) تخضع لسلطة الوحش الأول الكبير البحري الأجنبي (سلطة الروم).

[45] وحش الأرض يمثل كهنة اليهود بفلسطين أو النصارى بآسيا الصغرى خدمة دين الملك الرومي (الوحش البحري). فالوحش الأرضي [وَحْشاً آخَرَ خَارِجاً مِنَ الأَرْضِ] بمعنى حاكم عميل أو كاهن يخدم الوحش البحري (الملك الأجنبي كالروم) على الأرض المعيّنة التي فيها اليهود كفلسطين أو النصارى كآسيا الصغرى. 

[46] ففي إقليم آسيا الصغرى (تركيا اليوم) التي كُتب فيها هذا السفر كان يوجد ما لا يقل عن ثمانين معبداً لعبادة الإمبراطور.

[47] [سفر الرؤيا 13/ 11ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشاً آخَرَ خَارِجاً مِنَ الأَرْضِ، ..  12وَقَدِ اسْتَمَدَّ سُلْطَتَهُ مِنَ الْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْبَحْرِ ..  فَجَعَلَ سُكَّانَ الأَرْضِ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ ....  14 .. وَأَمَرَ سُكَّانَ الأَرْضِ أَنْ يُقِيمُوا تِمْثَالاً لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ .. ..  وَأَنْ يَمُدَّ يَدَهُ فَيَقْتُلُ كُلَّ مَنْ يَرْفُضُ السُّجُودَ لِتِمْثَالِ الْوَحْشِ، 16وَأَنْ يَأْمُرَ الْجَمِيعَ، ..  أَنْ يَحْملُوا عَلاَمَةَ عَلَى أَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جِبَاهِهِمْ، 17فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ عَلاَمَةُ الْوَحْشِ، أَوِ الرَّقْمُ الَّذِي يَرْمِزُ لاسْمِهِ! ]

[48] [الرؤيا 11/ 7وَعِنْدَمَا يُكْمِلاَنِ شَهَادَتَهُمَا يُعْلِنُ الْوَحْشُ الصَّاعِدُ مِنَ الْهَاوِيَةِ الْحَرْبَ عَلَيْهِمَا، وَيَهْزِمُهُمَا وَيَقْتُلُهُمَا]. قد يكون وحش الهاوية رمزاً لأعداء بني إسرائيل (حيث الشاهدان هما إسرائيل واليهود)، وقد يكون وحش الهاوية هو اليهود الذين قتلوا المسيح ويوحنا في دين النصارى. وربما قصد كاتب سفر الرؤيا بوحش الهاوية هو ظهور الطاغية القيصر ذومطيانش الذي جاء من بعد الطاغية الأول القيصر نيرون. أي كأن الطاغية نيرون (الذي عذّب النصارى) بعد أن مات، قد خرج ثانية من الجحيم متجسداً في شخص الطاغية ذومطيانش. والنصارى يؤمنون بتناسخ الأرواح بصورة أو بأخرى، كما جاء في الإنجيل من أن إلياس ( إيليا) قد عاد في شخص يحيى (يوحنا المعمدان) [متّى 11/14  [فَإِنَّ يُوحَنَّا هَذَا، هُوَ إِيلِيَّا الَّذِي كَانَ رُجُوعُهُ مُنْتَظَراً].

[49] الرؤيا / 17: 3 فمضى بي بالروح الى برية فرايت امراة جالسة على وحش قرمزي مملوء اسماء تجديف له سبعة رؤوس و عشرة قرون ... 17: 9 هنا الذهن الذي له حكمة السبعة الرؤوس هي سبعة جبال عليها المراة جالسة 7: 10 و سبعة ملوك خمسة ... 17: 12 و العشرة القرون التي رايت هي عشرة ملوك لم ياخذوا ملكا بعد لكنهم ياخذون سلطانهم كملوك ساعة واحدة مع الوحش

[50]  [الرؤيا 17/ 3وَحَمَلَنِي الْمَلاَكُ بِالرُّوحِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً رَاكِبَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَقَدْ كُتِبَتْ عَلَى جِسْمِهِ كُلِّهِ أَسْمَاءُ تَجْدِيفٍ. 7..  سَأُطْلِعُكَ عَلَى مَا تَرْمِزُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالْوَحْشُ الَّذِي يَحْمِلُهَا، ..  8هَذَا الْوَحْشُ كَانَ مَوْجُوداً، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ الآنَ، ..   11أَمَّا الْوَحْشُ الَّذِي كَانَ مَوْجُوداً ثُمَّ أَصْبَحَ غَيْرَ مَوْجُودٍ، فَهُوَ مَلِكٌ ثَامِنٌ ..  12وَأَمَّا الْقُرُونُ الْعَشَرَةُ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ].

[51] رؤيا 17/5: وعلى جبينها اسم يرمز إلى بابل العظيمة" / الرؤيا / 17: 5 و على جبهتها اسم مكتوب سر بابل العظيمة ام الزواني و رجاسات الارض...  17: 18 و المراة التي رايت هي المدينة العظيمة التي لها ملك على ملوك الارض

[52] بابل عندهم مجرد رمز للمدينة العظيمة الفاسدة. كما رمز اليهود من قبل لأورشلم بسدوم وعمورة والخطاب هنا لإسرائيل ويهوذا :[ إشعيا 1/10اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَاحُكَّامَ سَدُومَ. أَصْغُوا إِلَى شَرِيعَةِ إِلَهِنَا يَاأَهْلَ عَمُورَةَ].

[53] [الرؤيا 17/ 13يَتَّفِقُونَ فِيهَا بِرَأْيٍ وَاحِدٍ أَنْ يُعْطُوا الْوَحْشَ قُوَّتَهُمْ وَسُلْطَتَهُمْ. 14ثُمَّ يُحَارِبُونَ الْحَمَلَ، وَلَكِنَّ الْحَمَلَ يَهْزِمُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، ..].

[54] الرؤيا 19/ 19وَرَأَيْتُ الْوَحْشَ وَمُلُوكَ الأَرْضِ وَجُيُوشَهُمْ وَقَدِ احْتَشَدُوا لِيُحَارِبُوا هَذَا الْفَارِسَ وَجَيْشَهُ. 20فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ وَعَلَى النَّبِيِّ الدَّجَّالِ الَّذِي قَامَ بِالْمُعْجِزَاتِ فِي حُضُورِ الْوَحْشِ وَأَضَلَّ بِهَا الَّذِينَ قَبِلُوا عَلاَمَةَ الْوَحْشِ، وَسَجَدُوا لِتِمْثَالِهِ. وَطُرِحَ كِلاَهُمَا حَيّاً فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ الْمُتَّقِدَةِ . الرؤيا 20/ 10ثُمَّ يُطْرَحُ إِبْلِيسُ الَّذِي كَانَ يُضَلِّلُهُمْ، فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، حَيْثُ الْوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الدَّجَّالُ.

[55] المسيح الدجال قد يكون الكاهن الوثني المُعيّن من قبل ملك الروم أو الكاهن الأكبر اليهودي الخاضع لسلطتهم.

[56] معظم احداث نهاية الزمان في الدنيا قبل يوم القيامة التي يتحدث عنها أهل الكتاب والتي تنتهي بانتصار المؤمنين المطلق والقضاء على إبليس ووحوشه وحزبه، وامتلاء الأرض بالعدل المطلق، ليست أكثر هذه الأقوال إلا خلطاً وتحريفاً في الأصل الحق : وهو أن الساعة آتية وأن الله وحده سيحكم الأرض ومن عليها يوم القيامة [لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) غافر].

[57] سيعلم المتحقق المتعمّق المتيقن أن السحرة أتوا بالكذب فلم يصنعوا ثعابين حقيقية بل صنعوا صوراً ووهماً وخيالاً لثعابين غير موجودة إلا في العين والخيال. فلو تحقق وتمعّن الناظر وتيقن فسيجد أن عصيهم مازالت عصياً وحبالهم مازالت حبالاً. ولو تشجّع الناظر لثعبان الساحر فأخذه بيده لوجده عصا أو حبلاً في ملمسه وحقيقته، رغم أنه لا يزال يراه ثعباناً بتأثير السحر على عقله وعينه وتخيّله. فكثير من الأشياء التي تراها العين، ليست في الحقيقة كما نراها. ولن نعلم حقيقتها التي تخالف صورتها بدون التجربة والفحص والتحقق والتيقن. فالسحرة لم يحولوا العصا إلى ثعبان حقيقي وإلا كانوا صادقين. ولكن السحرة في الحقيقة كذبة مخادعون، لأنهم لم يصنعوا ثعباناً حقيقياً، وإنما فقط استطاعوا أن يأتوا بالدجل والإفك ويكذبوا على الناس ويوهموهم أن العصا صارت ثعباناً: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (69) سورة طـه. {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } (45) سورة الشعراء. وإذن فالسطحي في زمان موسى وغير المتعمق لن يتأثر ولن يستغرب شيئاً، لأنه ببساطة لن يرى موسى قد جاء بجديد، فعنده صنيع موسى وصنيع السحرة سيّان لا فرق بينهما. فبالنسبة  لذلك السطحي، فقد حوّل موسى عصاه لثعبان وحوّل السحرة عصيهم لثعابين، فلا جديد تحت الشمس ولا فرق عنده بين الأمرين. { وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ} (26) سورة البقرة. بالنسبة للسطحي فإن ماقام به موسى، لن يزيده إلا ضلالة، لأنه سيقول أن موسى مجرد ساحر صنع بعصاه ما صنعه السحرة بعصيهم. وهذه هي الفتنة. فقد فتن الله ذلك السطحي الغير متحقق والغير متأمل فوقع في سوء تعجله وسطحيته وتسرّعه وطيشه وكبره، فزاده الله ضلالاً على ضلاله. ونجد في التوراة أن الكاتب لم يوضح الفرق بين ثعبان موسى وثعابين السحرة [سفر الخروج/ 7: 10 ... طرح هرون عصاه امام فرعون و امام عبيده فصارت ثعبانا 7: 11 فدعا فرعون ايضا الحكماء و السحرة ففعل عرافو مصر ايضا بسحرهم كذلك 7: 12 طرحوا كل واحد عصاه فصارت العصي ثعابين و لكن عصا هرون ابتلعت عصيهم]. وأما القرآن فقد أوضح ما فعله السحرة من خداع بصري وتخييل واسترهاب.

[58] الله قد أتى بآية حقيقية واقعة (ثعبان موسى الموجود الحقيقي) يشبه ظاهرها صنيع السحرة المشهور منذ زمن طويل لدى الناس (ثعابين السحرة الوهمية الغير موجودة). فرغم تشابه ثعبان موسى وثعابين السحرة إلا أن موسى أتى بالحق والصدق [قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءكُمْ أَسِحْرٌ هَـذَا  {77} يونس] بينما السحرة أتوا بالوهم والخيال والكذب [ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهَُ {81} يونس]. لذا لابد من التحقق والتمعّن والتفحّص وإلا وقع المتسرع في سوء استعجاله. فالله أعطى موسى آية حقيقية صادقة تشبه في ظاهرة صورة خيالية كاذبة تعود عليها المصريون. والسبب هو أن الله أراد أن يفتنهم ويختبرهم. فمن اهتم وتحقق وأنصف نجح في الامتحان وعرف صدق آية موسى. ومن عمي وتكبر واستعجل ولم يكترث فسيفهم الأمر برمته خطأ، ولن يفرق بين الحق والباطل، وسيسقط في الاختبار كأكثر الناس.

[59] كم من الملوك قبل ولادة عيسى بزمن طويل قد ادّعى أنه الإله أو أنه ابن الإله، كفراعنة مصر وغيرهم من ملوك الأرض الأقدمين. وأهل مصر كانوا من ماء السماء ( دموع الإله رع أو مائه). وبعض اليمن كحمير وقتبان وغيرهم كانوا يلقبون ولد عم (أبناء الإله عم). [زيد علي 10:  كل ولد عم قتبن وردمن وخولن ومضحيْ وأشعب أوسن وقسمْ وحدلْ]، تاريخ حضارة اليمن القديم ـ زيد علي عنان. وكان الإله ود كثيراً ما يظهر بالنقوش [ودْ أبْ]. وقد قلّد اليهود القدماء من قبل وجود عيسى فقالوا نحن أبناء الله [وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ (18) المائدة]. [تثنية 14/1 أَنْتُمْ أَبْنَاءٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكُمْ ] كما قالوا عزير ابن الله وكذلك بكتبهم أن يعقوب (إسرائيل) ابن الله [خروج 4/22  إِسْرَائِيلُ هُوَ ابْنِي الْبِكْرُ/هوشع 11/1 عِنْدَمَا كَانَ إِسْرَائِيلُ صَغِيراً أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي] وداود ابن الله [انت ابني انا اليوم ولدتك  (مزمور  2 : 7)] وسليمان ابن الله [ 2 صمويل 7/ 14أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً/ 1 أخبار الأيام 22/10هُوَ يَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي، وَيَكُونُ لِيَ ابْناً، وَأَنَا لَهُ أَباً]. {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (30) سورة التوبة.

[60] أكثر ملوك مصر القدماء إن لم يكن جميعهم، تسمّوا بأبناء رع وآمون وآلهة مصر وزعموا أنهم من أصلاب تلك الآلهة . فمثلاً كان ملوك مصر (منذ الأسرة 5 نحو 2465-2323 ق.م) يسمّون أنفسهم أبناء الإله رع (إله الشمس) أو كما لفظوه بلسانهم (سَ - رع) أي (ابن رع). وكلمة (سا) المصرية تذكرنا بالكلمة العربية صئصئ [الغاية فى شرح الهداية فى علم الرواية: وَأما (صئصئ) ... وَمَعْنَاهُ: الأَصْل، وَقيل: النَّسْل]. وكان الملك المصري يزعم أنه إله لأن أباه الحقيقي هو (إله الشمس رع أو الإله آمون) الذي ضاجع أم الملك البشرية بعد أن تمثّل في صورة زوجها البشري أو ما شابه ذلك. فالملك المصري منذ ما قبل عيسى وموسى وإبراهيم يزعم أنه في الحقيقة من صلب الإله رع أو آمون ولكن حملت به أم أرضية بشرية. فالملوك زعموا أنهم من السماء (ولدهم إله الشمس رع أو آمون). كما كان اسم ملك أوسان كما بنقش بافقيه 95: [يصدقأل فرعْ شرحعثت ملك أوسن بن ودْ]، مختارات من النقوش اليمنية القديمة ـ د.محمد عبد القادر بافقيه. (بافقيه وآخرون).

[61] حدث اللبس للفاسق المتسرع فقرن ذلك بما صدّقه من خرافات تألّه الفراعنة والملوك. فاستعجل وقال إذن المسيح ابن إله كما كان الفرعون ابن إله. ومنهم من رمى مريم الطاهرة بالإفك (وهم اليهود عموماً) [{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} (156) سورة النساء]. ومنهم من قال أنه بشر خلقه الله كما خلق آدم عليه السلام وهم المسلمون وأتباع الحق المتيقنون. فالمتمهّل العاقل المتحقق المتيقن علم وأيقن أن الله قد خلق عيسى من دون أب كما قد خلق آدم من قبل من دون أب [ {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} (59) سورة آل عمران].

[62] شاع قديماً تألّه الملوك المدعين أنهم من أصل إلهي من ناحية الأب ومن أصل بشري من ناحية الأم. فالملك المصري القديم كان يوهم الناس أنه من صئصئ  رع (سا -رع) أي بذرة الإله رع أو الإله آمون أو غيره من الآلهة. وكان الملك المصري يزعم أن أمه قد حبلت به عندما جاءها هذا الإله بصورة زوجها البشري.

[63] كمكتبة الإسكندرية ( نحو 290 ق.م) وغيرها مما سبقها من مكتبات ملكية خاصة كمكتبة آشور مثلاً (قرن 8 ق.م : مكتبة آشوربانيبال ضمّت آلاف المجلدات) ومن قبلها دور سجلات مصر القديمة. فمصر القديمة كانت أول من أنشأ دور الكتب (مكتبات يضعون فيها سجلاتهم التاريخية والدينية وغيرها، أول ذكر لها في الأسرة الرابعة نحو 2500 ق.م) وكانوا يسمونها بر عنخ (بيت الحياة). ولم يأت القرآن إلا بعد أن قرأ الناس الكثير من الكتب والمؤلفات البشرية أو التي قد يزعم كاتبوها أنها إلهية. ولو وضع القرآن في مكتبة عظيمة من تلك المكتبات القديمة لما لاحظه كثير من الناس بجانب تلك المجلدات الضخمة المزخرفة الكثيرة جداً والتي لا تُعد ولا تُحصى.

[64] رغم أن كتب الله الأولى قد تعرضت للعبث والتحريف أو الضياع والإخفاء. فالقرآن قد أتى بعد أعظم كتابين وهما التوراة والإنجيل اللذين ينتشران انتشاراً واضحاً في كنائس اليهود والنصارى رغم تحريفهما. كما أن القرآن قد صدّقهما وأكّدهما إجمالاً [{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} (146) سورة البقرة]،[ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ {195} وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ {196} أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ {197}].

[65] {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (105) سورة الأنعام/ {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} (103) سورة النحل/ {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ} (33) سورة الطور/ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا } (4) {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (5) سورة الفرقان

[66] فهذه هي الفتنة. والسطحي الغير متمعّن دائماً سيسقط ويهلك فلا يوقن لأنه سطحي يأخذ بالتشابه فقط دون أن يترسّخ في الأمر أو يتأكّد ويتحقق [{حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } (84) سورة النمل].  وأما الراسخ المتعمق العالم المتيقن فسيهديه الله فيوقن لأنه سيعلم وسيرى أن القرآن ليس نقلاً من التوراة ولا تقولاً وإنما وحياً إلهياً.

[67] الدابة التي ستخرج من الأرض أظنها ستكون آخر فتنة وامتحان للبشرية (إن سبقتها آية الدخان أو كان الدخان بمعنى الساعة)، يُمحّص فيها الإنسان هل هو من أهل السطحية والظن فيهلك، أم من أهل الرسوخ والعلم والتيقن، فيؤمن ويوقن. فالأمور لا يُنظر فقط إلى تشابهها مع غيرها، ولكن ينبغي أن تُفحص الأمور وتُختبر وتُجرّب ويُعلم ما هي حق العلم [قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا } (84) سورة النمل]. 

[68]  أراد اليهود بالوحش (الحيوان) الناطق أحد ملوك اليونان السلوقيين (انطاكيوس الرابع)، أي أنهم قصدوا إنساناً له عقل ولسان.

[69] [دانيال 7/ 4فَكَانَ الأَوَّلُ كَالأَسَدِ بِجَنَاحَيْنِ كَجَنَاحَيِ النَّسْرِ. ..  وَانْتَصَبَ عَلَى الأَرْضِ وَاقِفاً عَلَى رِجْلَيْنِ كَإِنْسَانٍ، وَأُعْطِيَ عَقْلَ إِنْسَانٍ. ..  8وَفِيمَا كُنْتُ أَتَأَمَّلُ الْقُرُونَ إِذَا بِقَرْنٍ آخَرَ صَغِيرٍ نَبَتَ بَيْنَهَا، ..  وَكَانَ فِي هَذَا الْقَرْنِ عُيُونٌ كَعُيُونِ الإِنْسَانِ وَفَمٌ يَنْطِقُ بِعَظَائِمَ].

[70] عندما جاء النصارى مسخوا الوحش اليهودي إلى وحش آخر جديد يلائم الظروف الجديدة، مع بقاء القصد (كقصد اليهود) وهو أن الوحش رمز لأحد ملوك الرومان [لعله القيصر نيرون أو ذومطيانش (حكم بعد أخيه طيطوس : 81-96م)]] الذين قتّلوا واضطهدوا أوائل النصارى. 

[71] [ الرؤيا 13/ 5وَأَعْطَى التِّنِّينُ الْوَحْشَ فَماً يَنْطِقُ بِكَلاَمِ الْكِبْرِيَاءِ وَالتَّجْدِيفِ].

[72] [ تسالونيكي الثانية 2/ 8عِنْدَئِذٍ سَيَظْهَرُ الإِنْسَانُ الْمُتَمَرِّدُ ظُهُوراً جَلِيّاً فَيُبِيدُهُ الرَّبُّ يَسُوعُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ وَيُلاَشِيهِ بِبَهَاءِ ظُهُورِهِ عِنْدَ عَوْدَتِهِ. 9أَمَّا بُرُوزُ الْمُتَمَرِّدِ، فَسَوْفَ يَكُونُ بِقَدْرِ طَاقَةِ الشَّيْطَانِ عَلَى الْمُعْجِزَاتِ وَالْعَلاَمَاتِ وَالْعَجَائِبِ الْمُزَيَّفَةِ كُلِّهَا، 10وَعَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّضْلِيلِ الَّذِي يَجْرُفُ الْهَالِكِينَ إِلَى الْعِصْيَانِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. 11وَلِهَذَا السَّبَبِ، سَيُرْسِلُ اللهُ إِلَيْهِمْ طَاقَةَ الضَّلاَلِ حَتَّى يُصَدِّقُوا مَا هُوَ دَجْلٌ، 12فَتَقَعَ الدَّيْنُونَةُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالْحَقِّ بَلْ سَرَّهُمُ الإِثْمُ].

[73] الشياطين عند النصارى تتلبس الناس والدواب وتسكن أجسادهم [مرقص 5/8فَإِنَّ يَسُوعَ كَانَ قَدْ قَالَ لَهُ؟ «أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِسُ، اخْرُجْ مِنَ الإِنْسَانِ!» .. 13 فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ]. وهذه الأوهام للأسف يعتقد بها كثير من المسلمين. وحلول الجني في جسم الإنسان هو تحريف وسوء فهم في الأصل أن الشياطين تغوي وتسيطر على من يخضع لإغوائها وسيطرتها فيصبح ذلك الإنسان عبداً لإبليس وجنده [تهذيب اللغة – الأزهري: وأخبرني المنذري، عن أبي إساق الرحبي: وسئل عن معنى حديث النبي صلى الله عليه: ... وكذلك قوله: الشيْطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، إنما هذا مثل، وإنما هو أن يتسلط عليه لا أن يدخل جوف].  

[74] [كورنثوس الثانية 11: 13فَإِنَّ أَمْثَالَ هَؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ دَجَّالُونَ، عُمَّالٌ مَاكِرُونَ، يُظْهِرُونَ أَنْفُسَهُمْ بِمَظْهَرِ رُسُلِ الْمَسِيحِ. 14وَلاَ عَجَبَ! فَالشَّيْطَانُ نَفْسُهُ يُظْهِرُ نَفْسَهُ بِمَظْهَرِ مَلاَكِ نُورٍ]

[75] دابة القرآن سوف تنطق بالكلام الحقّ الصحيح العاقل وبالحجج البيّنة المستقيمة، وسوف تخضع للقرآن خضوعاً مطلقاً. فكل هذه ستكون آيات بينات لأولي الألباب.  فمن استعجل الحكم على ما يرى، فسيقول هي دابة النصارى، وسيضل. ومن تحقق وتمعّن في الدابة الخارجة، فسيعلم أنها ليست دابة كتب اليهود والنصارى الخرافية، بل هي دابة القرآن الحقّة كما أخبر. من أنصت لكلام الدابة بدقّة وصبر وفهم وتحقق وتيقن فسيعلم أن ما تقول هو الحقّ. ومن استعجل ولم يصبر ولم يصغ لما تقول فسيحكم بالجور معتبراً إياها شيطاناً أو رسولاً له. 

[76] سفر دانيال وسفر الرؤيا قصدا في الأصل هزيمة عسكرية، لأنهما أرادا بالوحش مملكة أو ملكاً، يقهر المؤمنين بقوته العسكرية وبأسه الشديد. ولكن أهل الكتاب حين سيرون الهزيمة هي هزيمة فكرية دينية عقائدية أمام أنظار البشرية (لأن الدابة ستغلب كل من يناظرها من النصارى بالحجة والدليل والبرهان والحكمة والعلم)، فسيقودهم الواقع الجديد لتأويل المعنى إلى ما يحدث ويقع من حقائق. فسيقولون يبدو أن  الكتاب المقدس كان يقصد وحشاً حقيقياً وهزيمة فكرية ولكننا أخطأنا الفهم.

[77] دابة الأرض سوف ترفض كثيرا من نصوص اليهود والنصارى، الأمر الذي سيؤكد لأهل الكتاب صحة كتبهم، أن هذا هو بعينه الوحش أو الشيطان أو عدو المسيح (المسيح الدجال). 

[78] فتح القدير للشوكاني :واختلف في معنى قوله : { تكلمهم } فقيل : تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام.

[79] دابة الأرض سترفض كثيرا من أقوال النصارى كما رفضها القرآن من قبل [{أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ} (151) {وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (152) سورة الصافات/ {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } (17) سورة المائدة/{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ  } (73) سورة المائدة /{ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ  } (171) سورة النساء]. والنصارى بالتالي سيعتبرون الدابة هي الوحش الشرير رسول الشيطان الذي يحارب الحمل أو الخروف (المسيح عندهم).

[80] [ دانيال 7/24أَمَّا الْقُرُونُ الْعَشَرَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَمْلَكَةِ فَهِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ يَتَوَلَّوْنَهَا، ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَهُمْ مَلِكٌ آخَرُ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمُلُوكِ السَّالِفِينَ، وَيُخْضِعُ ثَلاَثَةَ مُلُوكٍ، 25وَيُعَيِّرُ الْعَلِيَّ وَيُنَكِّلُ بِقِدِّيسِيهِ، وَيُحَاوِلُ أَنْ يُغَيِّرَ الأَوْقَاتَ وَالْقَوَانِينَ، فَيُذِلُّ الْقِدِّيسيِنَ ثَلاَثَ سَنَوَاتٍ وَنِصْفَ السَّنَةِ. 26وَلَكِنْ يَنْعَقِدُ مَجْلِسُ الْقَضَاءِ، فَيُجَرَّدُ مِنْ سُلْطَانِهِ فَيُدَمَّرُ وَيَفْنَى إِلَى الْمُنْتَهَى. 27وَتُوهَبُ الْمَمْلَكَةُ وَالسُّلْطَانُ وَعَظَمَةُ الْمَمَالِكِ الْقَائِمَةِ تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ إِلَى شَعْبِ قِدِّيسِي الْعَلِيِّ].

[81] سفر الرؤيا : 13: 4 و سجدوا للتنين الذي اعطى السلطان للوحش و سجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش من يستطيع ان يحاربه 13: 5 و اعطي فما يتكلم بعظائم و تجاديف و اعطي سلطانا ان يفعل اثنين و اربعين شهرا 13: 6 ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه و على مسكنه و على الساكنين في السماء 13: 7 و اعطي ان يصنع حربا مع القديسين و يغلبهم و اعطي سلطانا على كل قبيلة و لسان و امة

[82]  دانيال 7: 21 و كنت انظر و اذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم.

[83] [ رؤيا 13/5وَأَعْطَى التِّنِّينُ الْوَحْشَ فَماً يَنْطِقُ بِكَلاَمِ الْكِبْرِيَاءِ وَالتَّجْدِيفِ، ..  6فَأَخَذَ الْوَحْشُ يَشْتُمُ اسْمَ اللهِ، وَيَشْتُمُ بَيْتَهُ وَسُكَّانَ السَّمَاءِ. 7وَأُعْطِيَ الْوَحْشُ قُدْرَةً عَلَى أَنْ يُحَارِبَ الْقِدِّيسِينَ وَيَهْزِمَهُمْ ..].

[84] دانيال / 7: 25 و يتكلم بكلام ضد العلي و يبلي قديسي العلي و يظن انه يغير الاوقات و السنة

[85] النصارى عندهم: من لا يؤمن بكتابهم وما فيه ولا يؤمن بإلوهية المسيح وأنه ابن الله أو أن الله هو المسيح، فهو كافر وعدو وضدّ لله وللمسيح [رسالة يوحنا الأولى / 2: 18أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اعْلَمُوا أَنَّنَا نَعِيشُ الآنَ فِي الزَّمَنِ الأَخِيرِ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ سَوْفَ يَأْتِي أَخِيراً «مَسِيحٌ دَجَّالٌ»، .. 22وَمَنْ هُوَ الْكَذَّابُ؟ إِنَّهُ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ حَقّاً. إِنَّهُ ضِدٌّ لِلْمَسِيحِ يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ مَعاً. 23وَكُلُّ مَنْ يُنْكِرُ الابْنَ، لاَ يَكُونُ الآبُ أَيْضاً مِنْ نَصِيبِهِ. وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِالابْنِ، فَلَهُ الآبُ أَيْضاً].

[86] الهندوس يعتقدون بتجسد وحلول الآلهة في البقر والفئران والقردة والفيلة وغيرها، فربما ظنوا أن الدابة تجسيداً لكرشنه مثلاً أو أحد آلهتهم.

[87] خاصة أن الانجيل النصراني يؤكد أن الشيطان إبليس (التنين والحية) هو الذي أعطى سلطته للوحش البحري (مملكة الروم) الذي بدورة أعطى سلطته للوحش الأرضي (السلطة الدينية المحلية) [ رؤيا 12/ 3وَظَهَرَتْ فِي السَّمَاءِ آيَةٌ أُخْرَى: تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ ..  9.. هَذَا التِّنِّينُ الْعَظِيمُ هُوَ الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ، وَيُسَمَّى إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ ..  الرؤيا 13/ ثُمَّ رَأَيْتُ نَفْسِي وَاقِفاً عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، وَإِذَا وَحْشٌ خَارِجٌ مِنَ الْبَحْرِ..   2 ..  وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَةً عَظِيمَةً. 4وَسَجَدَ النَّاسُ لِلتِّنِّينِ لأَنَّهُ وَهَبَ الْوَحْشَ سُلْطَتَهُ، .. سفر الرؤيا 13/ 11ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشاً آخَرَ خَارِجاً مِنَ الأَرْضِ.. وَلَكِنَّ صَوْتَهُ كَصَوْتِ تِنِّينٍ، 12وَقَدِ اسْتَمَدَّ سُلْطَتَهُ مِنَ الْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْبَحْرِ .. ].

[88] وحوش فضائية عجيبة شديدة البأس متطورة جداً تصل الأرض فتهاجم البشر وتغلبهم بأسلحتها الخارقة المعقّدة والتي لا تنفع معها أسلحتنا التي تعتبر بدائية بالنسبة لها.

[89] وطبعاً سيؤيد النصارى وأهل الكتاب عموماً القبض على الدابة [ رؤيا: 19: 20فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ وَعَلَى النَّبِيِّ الدَّجَّالِ ..وبنسخة أخرى: رؤيا 19/20: فوقع الوحش في الأسر مع النبي الكذّاب.  رؤيا 20: ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكاً نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ، وَبِيَدِهِ مِفْتَاحُ الْهَاوِيَةِ وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ 2قَيَّدَ بِهَا التِّنِّينَ، أَيِ الْحَيَّةَ الْقَدِيمَةَ، وَهُوَ إِبْلِيسُ أَوِ الشَّيْطَانُ، وَسَجَنَهُ مُدَّةَ أَلْفِ سَنَةٍ، 3وَطَرَحَهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ، وَخَتَمَهَا ].

[90] فقد يوجد من يزعم بلا حياء أو خجل لأغراض دعائية انتهازية للشهرة أو لجني المال، أن هذه الدابة ليست إلا حصيلة جهود علماء الهندسة الوراثية الذين استطاعوا دمج وزرع جينات مختلفة من بشر وحيوان. فكانت النتيجة هذه الدابة العاقلة الناطقة.

[91] وقد يتأثر بذلك حتى بعض المسلمين فيحتار بين الأمرين فلا يدري هل تحقق كلام القرآن أم كلام سفري دانيال والرؤيا ؟ فالنصراني واليهودي سيقولان لهذا المسلم الحيران أن كتبنا قد أخبرت بهذا الوحش قبل كتابكم الذي نقل من كتبنا [{وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ } (105) سورة الأنعام، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (5) سورة الفرقان، {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } (103) سورة النحل، { إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } (91) سورة الأنعام، {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً } (43) سورة الرعد].

[92] فرغم أن الدابة تؤكد ما قاله القرآن من آيات وتعاليم، ولكن المدارس قد تتبع أقوال الرجال وتلوي معاني الآيات [وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً  {23} الجاثية]. فالدابة ستكون فتنة عظيمة جداً لأكثر الناس ولن يرى حقيقتها إلا من بصّره الله بالحق. فالدابة ستكون إحراجاً كبيراً للأحبار وللرهبان، كما قد تكون إحراجاً لكثير من العلماء والمدارس الإسلامية. فالفتنة لجميع الناس بلا استثناء ولن ينجو منها إلا من يخضع للحق وينبذ أمراضه النفسية وأوهامه وعبادة أحباره.  

[93] بحر العلوم – السمرقندي:{ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مّنَ الارض تُكَلّمُهُمْ } بما يسوءهم يعني : الدابة التي تكلم الناس/ تفسير القرطبي :وقيل: تكلمهم بما يسوءهم.

[94] وبعضهم يحاول إخراج ذلك الجانّ من جسم المريض. ويزعم بعض المعالجين أن كلام المريض هو كلام الجان ولكن بصوت المريض. وفوق هذا يعتقد العديد من العلماء بإمكانية التزاوج بين الجن والإنس بل وتوالدهما من بعض، رغم أنهما من أصول تكوينية مختلفة ولكن للعلماء طرائف.

[95] [فتح الباري: وذكر نعيم بن حماد شيخ البخاري في " كتاب الفتن " .. منها ما أخرجه من طريق جبير بن نفير وشريح بن عبيد وعمرو بن الأسود وكثير بن مرة، قالوا جميعا " الدجال ليس هو إنسان وإنما هو شيطان ..فإذا برز أتته أتان عرض ما بين أذنيها أربعون ذراعا فيضع على ظهرها منبرا من نحاس ويقعد عليه .. " قلت: ..  ولعل هؤلاء مع كونهم ثقات تلقوا ذلك من بعض كتب أهل الكتاب]. وقد صدق الحافظ ابن حجر فما نُسب لهؤلاء الثقات ليس إلا نقل مشوّه من سفر زكريا حول المسيح اليهودي [زكريا 9/9»ابْتَهِجِي جِدّاً يَاابْنَةَ صِهْيَوْنَ وَاهْتُفِي يَاابْنَةَ أُورُشَلِيمَ، لأَنَّ هُوَذَا مَلِكُكِ مُقْبِلٌ إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ ظَافِرٌ، وَلَكِنَّهُ وَدِيعٌ رَاكِبٌ عَلَى أَتَانٍ، عَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ]. وقد نقله أحد كتبة النصارى فيما بعد مصحّفاً محرفاً وجعله على المسيح ابن مريم [[متّى 21/5: قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعاً راكباً على أتان وجحش ابن أتان. 6 فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع .7 وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما]. [ فتح الباري: وذكر ابن وصيف المؤرخ أن الدجال .. وكانت أمه جنية عشقت أباه فأولدها، وكان الشيطان يعمل له العجائب ..]، فقال ابن حجر:  [.. وأن ابن صياد شيطان تبدي في صورة الدجال في تلك المدة إلى أن توجه إلى أصبهان فاستتر مع قرينه إلى أن تجيء المدة التي قدر الله تعالى خروجه فيها]. وهذا القول [ ظهور الدجّال (ابن صيّاد) ثم استتاره ليظهر مرة أخرى]  يُذكّرنا بما جاء بسفر الرؤيا 17 [ 8هَذَا الْوَحْشُ كَانَ مَوْجُوداً، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ الآنَ، وَلَكِنَّهُ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَطْلُعَ مِنَ الْهَاوِيَةِ وَيَمْضِيَ إِلَى الْهَلاَكِ. وَسَيُدْهَشُ سُكَّانُ الأَرْضِ .. عِنْدَمَا يَرَوْنَ الْوَحْشَ، لأَنَّهُ كَانَ مَوْجُوداً، ثُمَّ أَصْبَحَ غَيْرَ مَوْجُودٍ، وَسَيَعُودُ! ].

[96] [(صحيح مسلم: عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي النَّقْطَتَيْنِ، فَإنَّهُ شَيْطَانٌ/ فتح الباري: واستثنى أحمد وإسحاق الكلب الأسود وقالا: لا يحل الصعيد به لأنه شيطان ونقل عن الحسن وإبراهيم وقتادة نحو ذلك)]/ نهاية الأرب في فنون الأدب ـ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري: فإذا دخلت ، بيتك فسترى سواداً فاضربه به حتى يخرج فإنه الشيطان " فانطلق فأضاء له العرجون ، ووجد السواد فضربه حتى خرج ./ تاريخ المدينة المنورة - ابن شبة : ... وخضاب الشيطان السواد./ كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه : وهو كما قال رسول الله فان الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيرا وكذلك بصورة القط الأسود لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة/ عون المعبود في شرح سنن أبي داوود : (فقال الكلب الأسود شيطان): قال في فتح الودود حمله بعضهم على ظاهره، وقال إن الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود/ أنساب الأشراف – البلاذري: فقال الحجاج لمحمد بن سعد حين رآه، وكان أحول أسود: هذا ظل الشيطان، / تاريخ دمشق لابن عساكر: ثنا سليمان بن أبي سليمان عن أبيه قال رأى أبو هريرة زنجية كأنها شيطان.

[97] [النهاية في الفتن والملاحم ،لابن كثير: وقد ذكرنا فيما تقدم عن ابن مسعود، أن الدابة من نسل إبليس الرجيم، وذلك فيما رواه أبو نعيم عن حماد، في كتاب الفتن والملاحم، تصنيفه، والله أعلم بصحته]. والعجيب أن ابن كثير لم يقطع بكذب ذلك. فالدابة ليست من نسل مخلوق بل من الأرض مباشرة وليست من نسل إبليس الرجيم لأنها تتكلم بالحق واليقين ولأن مادّتها من التراب كالبشر ودواب الأرض ومادّة إبليس من النار.

[98] إبصار غير مرئي كبعض الأفاعي التي تبصر حرارياً بمجسّات أو مستقبلات لديها للأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من الكائن الحي.

[99] كما هو موقف الكفرة مع الأنبياء عموماً [{وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} (46) سورة النساء]

[100] سيصاب كثير من أهل الكتاب بحالات هستيرية شديدة قد تتمثل في شتم الدابة وتحقيرها وربما ضربها وإهانتها والسخرية منها والاستهزاء بها. وقد يطالب نصارى متعصبون بجلد الدابة وصلبها انتقاماً لجلد المسيح وصلبه في عقيدتهم. فالدابة (الوحش) عند أهل الكتاب هي رسول الشيطان أو تجسيداً له، وصلبها سيعتبرونه صلباً لإبليس [غلاطية: 3: 13 مكتوب ملعون كل من علق على خشبة]. فقد يقوم متحمسون بقتل الدابة (كناقة صالح) أو محاولة قتلها أو على الأقل تعذيبها.

[101] [{أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا } (31) سورة الرعد/ {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا } (99) سورة يونس]

[102] [{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (3) {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} (4) سورة الشعراء].

حامد العولقي