معنى سعد بن أبي وقّاص
سَعِدَ باعتزال الفتن
سَعْد لم يقاتل في أي فتنة،
فنال السعد والسعادة
(إن السعيد لمن جنب الفتن/
تاريخ دمشق)
وبات (سعيد) القلب وقال
(آخذ مضجعي وليس في قلبي على أحد).
سعد (ذو السعد)
اسمه يصف حاله ومآله. فلو ربطنا بين قول إبراهيم عليه السلام في رؤيا
(خليلي من هذه الأمة سعد)
وبين قول سعد
(قد شقي من لم يكن له إبراهيم خليلا)،
لوجدنا بعد الشقاء عن سعد. وهو من
العشرة المبشرين سَعِدَ بالفوز العظيم
[وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي
الْجَنَّةِ (108) هود].
وسَعِدَ باستجابة الدعاء
(عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا، أي عسى
أن أسعد به/ابن أبى زمنين).
وسَعِدَ بأسبقيته في الإسلام
(ما أسلم أحد قبلي/
تاريخ دمشق).
فهو (ذو سعد) طالعه السعد
(سعد بن أبي وقاص .. ميمون الطائر مرزوق
الظفر/
تاريخ دمشق).
والعرب تربط اسم سعد بالسعد والسعادة.
أبو إسحاق
لعله من (أسحق) أي (بعد) عن الفتن
(سعد كان من أبعد الناس عن الفتن/
منهاج السنة).
وفي آخر عمره (بعد) عن المدينة. ولعل وصفه
(أَعْرَابِيٌّ في حِبْوَتِهِ)،
أنه (ابتعد) عن الفتن كما ابتعد الأعرابي عن القرى. وتحتمل الكنية أن سهام
دعائه (بعيدة) المدى
(تطال خصمه).
ولعل كنية (أبي إسحاق) بمعنى كنيته (ابن أبي وقّاص)، كما سنرى.
أبو عائشة وأبو يحيى
الكنية أبو عائشة وأبو يحيى قد تعني أن سعداً نجا وعاش وعمّر طويلاً. إذ
(عاش) أكثر من أصحابه وكتبت له السلامة باعتزاله الفتن فنجا. والاسم سعد
عموماً مرتبط بالنجاة والحياة والعيش كما بالمثل (انْج سَعْدُ). وهذا القول
(فأبنا وقد آمت نساء كثيرة ** ونسوة سعد ليس
فيهن أيم)،
وإن
ظلم سَعْداً،
إلا أنه
بنفس
معنى المثل
(انْج سَعْدُ).
والأمثال تربط الاسم سعد بالدهر وبالهرم وطول العمر.
جذر عمر وارتباطه بسعد
يكثر جذر (عمر) في أسماء أولاد سعد وإخوته وأزواجه. فروايات ذكرت طول (عمر)
سعد
(يا سعد .. فما طال عمرك/
تاريخ دمشق).
وروايات ذكرت (عمارة) سعد للمسلمين
(جمعهم وإصلاح أمرهم).
وهو أبو حفصة، لحرصه على (جمع) المسلمين
(أبو حفص كنية عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، لجمعهما المسلمين).
وأخرى ذكرت أنه (عمر) بيته
(لزمه حتى وفاته)،
وبالغت في احتجابه في قصره وإغلاق بابه. ونلاحظ قرب هذا من كلمة (مشتمل)
بالمثل
(أوْرَدَهَا سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ)
الذي بمعنى إدراك الشيء بلا مشقة. فالمثل يتطابق مع فتح سعد العراق وهو في
قصره
(مشتمل).
ومن زاوية أخرى، فإن ارتباط سعد بالقصر، يشبه اعتزاله الفتن
(لوددت أن بيني وبين الناس بابا من حديد/
العزلة والإنفراد)
وابتعاده
(كنية أبي إسحاق).
ابن أبي وقّاص
لُقّب سعد باسم (ابن أبي وقّاص) أو (ابن وقّاص)، لأنه (وقص) الفُرْس
(كسرهم في المعارك الفاصلة).
وقد يشمل الوقص أن سعداً (يكسر) مَن دعا عليه. ولعل مثله كنية (أبي إسحاق)
من (سحقه) خصمه إذا دعا عليه
(وهذا كالوقص).
عرق النسا
كثير من الناس كما بالآية
[ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا
يَسِيرًا (14) الأحزاب]،
وأما سعد فيتلبث ويتأخر عن الفتن، بل لا يأتيها. وجذر (نسأ) من معانيه
التأخر، وتأخر سعد عن الفتن عبر عنه الراوي بأسلوب تصويري
(وكان بسعد عرق النسا/
تاريخ الطبري).
كما ناسب جذر (نسأ) اسمه أبا إسحاق (لابتعاده) عن الفتن
(والانتساءُ
التَّباعُد/العين)،
(اسْتَنْسأ فلانٌ إذا استَأخَر عنك وتباعد/
الجيم).
وناسب طول عمره
(نَسَأَ الله في أجله).
الليث سعد
يوصف سعد بالشجاعة والجرأة وبولغ في تشبيهه بالأسد حتى في
الخِلْقَة فقيل أنه
آدم وأفطس وغليظ. كما قد يكون للمثل
(وسعد مشتمل)
وانعزال سعد في قصره علاقة
بوصفه بالأسد
الرابض في عرينه
(فِي حَدِيثِ سَعْدٍ «أَسَدٌ فِي
تَامُورَتِهِ»/
النهاية لابن الأثير).
حامد العولقي