نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

Untitled 1

 معنى إسحاق

 

معنى اسم إسحاق هو (يضحك)1، وسبب تسميته بذلك هو ضحك أمه. وإسحاق لغة قديمة من أصل فعل يسحاق (= يضحَك)، حيث تختلف مخارج الأحرف قليلاً: (س=ض)، (ق=ك)، والألِف في (يس – حا – ق) = الفتحة في (يض – حَ – ك). ففعل (سحق) بلسان قوم إبراهيم، هو نفس فعل (ضحك) بلسان العرب. وإسحاق (بوزن إفعال) من أصل يسحاق (يفعال)، كأن تعريبه إضحاك أو يضحاك (= يضحك). وجذر (ضحك) العربي كان بالكنعانية العبرية القديمة بصيغة (سحق، صحق)2. ويظهر بالعهد القديم بصيغة جذر صحق3 أو بصيغة جذر سحق4، كما جاء بالصيغتين (سحق، صحق) في نص واحد5. فقد يأتي جذر ضحك العربي بصيغ عديدة في اللغات القديمة6. فيبدو أن لسان قوم إبراهيم لم يكن يعرف الضاد العربية في (ضحك) التي كانت قديماً تُلفظ سيناً أو صاداً كما في (سحق، صحق). وأما الكاف في (ضحك) فربما كانت تظهر في بعض الكلمات كحرف قاف لقرب المخرج7.

ويبدو أن الملائكة هم من سمّوه بإسحاق [فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ]. فلعلهم لما رأوا زوجة إبراهيم تضحك (نتيجة زوال خوفها، وشعورها بالأمن)، كأنهم قالوا لها على الفور ستلدين من يضحك8 (كما أنت الآن تضحكين)9. وعلى سبيل التوضيح لمعنى اسم إسحاق، كأن الملائكة لمّا رأوها في تلك اللحظة سعيدة (تضحك)، قالوا لها في الحال أنت (أم سعيد). واسم النبي يصدق عليه، وإذن فلعل إسحاق قد عاش10 ضاحك الوجه (سعيداً رضيّاً11)، يشعر (بالأمن والرضا والاطمئنان والهدوء والسرور والسعادة)، كما شعرت أمه في في تلك اللحظة (التي ضحكت فيها) حين زال خوفها وأحسّت بالأمن.


1 الإتقان في علوم القرآن : وذكر أبو علي بن مسكويه في كتاب نديم الفريد أن معنى إسحاق بالعبرانية الضحاك.

2 [(سحق، صحق)، ص 88، تاريخ اللغات السامية- أ. ولفنسون]

3 [Strong's Dictionary: 6711: tsachaq : tsaw-khak':  a primitive root; to laugh outright]

4 [سفر المزامير 105: 9 أشر كرت أت-أبرهم وشبوعتو ليسحق (=الذي عاهد به ابراهيم و قسمه لاسحق)]. [Strong's Dictionary: 7832: sachaq: saw-khak': a primitive root; to laugh (in pleasure or detraction)].

5 [ سفر القضاة 16 : 25: / ويهي كي طوب لبم ويأمرو قرأو لشمشون ويسحق  וִישַׂחֶק -لنو ويقرأو لشمشون مبيت هأسيريم ويصحق  וַיְצַחֵק لفنيهم ويعميدو أوتو بين هعموديم]

6 [دحك، دعك، جحك، من (CAL Consise Aramaic Lexicon)]./ [الأوغاريتية: صحق (cxq) / الأرامية: حأك، حوك، جحك، دحك/ السريانية: جحك/ العمورية: صحق/ الأكدية: صوح/ العربية: ضحك / الجعزية (الحبشية القديمة):  $xq سحق، (=سخر) / التجرية: سحق (=يكون جميل المنظر be good looking )/ الهررية: سَحَقا (=ضحك)، سحق (= ضحك، ابتسامة)/ لغة Chaha (وسط اثيوبيا) : دقا؟/ لغة Soddo (الأثيوبية الجنوبية): دأأ؟/ لغة wolane (لهجة اثيوبية):سقا، سأأ؟/ التشادية: دزكا. ص 358، (Hebrew in Its West Semitic Setting By A. Murtonen)]/ كما يأتي فعل (ظحق) بالأوغاريتية (Grammar of the Ugaritic Language,Daniel sivan,p 23). ويبدو أن الفعل تطور في لفظه كالتالي: سحق، صحق، صحك، ظحك وضحك.

7 [اللسان: كارَبَ الشيءَ: قارَبه. .. الكَرْبُ: القُرْبُ]. ولا تزال القاف الفصيحة في أغلب مناطق الجزيرة تنطق بصوت قريب من الكاف، كما أن القاف إذا نطقت في لهجة مصر وفلسطين مثلاً، فإنها تلفظ كافاً. وهذا قد يفسر كيف تحولت القاف في سحق إلى كاف في ضحك. ولفظ القاف في (سحق، صحق) بالعبرية هو بالكاف (سحك، صحك). ولأن (إسحاق) في القرآن بالقاف، فقد يكون القرآن نقل النطق الأصلي لاسم إسحاق كما بلسان إبراهيم (بالسين وبالقاف، وليس بالصاد والكاف)، وربما لم يقصد القرآن النطق حسب اللسان العربي فقط.

8 أي ستلدين الآمن الرضيّ المبتهج الفرح المسرور السعيد أبداً.

9 أي كما أنت الآن آمنة مطمئنة مبتهجة فرحة رضيّة مسرورة سعيدة.

10  ثمار القلوب في المضاف والمنسوب – الثعالبي: فأنا طول الدهر مسرور ضاحك.

11 كما عاش يحيى عليه السلام من بعده [{وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} (6) سورة مريم].

حامد العولقي