نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

Untitled 1

آزر والد إبراهيم

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) الأنعام

 

رغم أن الآية صريحة في أن آزر هو (والد)[1] إبراهيم، إلا أن بعض المفسرين زعموا أن آزر ليس والد إبراهيم.

 

 

متى يكون لفظ الأب لشخص محدد بمعنى الوالد؟

في الحالة الافتراضية الطبيعية، يكون الأب لذلك الشخص هو والده. فهذه العبارة مثلاً: (جاء زيد مع أبيه سعد)، فإنها (بشكل طبيعي افتراضي تلقائي) ستعني أن سعداً هو (والد) زيد.

ولكن بعض الأحيان، قد لا يكون الأب هو الوالد. ولذلك يأتي السؤال: متى يكون الأب ليس والداً؟ والجواب بسيط: وهو أن (نعلم) أن هذا الأب (ليس) والد ذلك الشخص (كأن نعلم أنه عمّه مثلاً)[2]. ولنفترض أننا سمعنا زيداً يتحدث عن رجل لا نعرفه ويقول عنه (أبي)، فسوف نفترض تلقائياً أن ذلك الرجل هو والد زيد (أي أن ذلك الرجل أنجب زيداً). ولكن لو كنا نعرف ذلك الرجل، و(نعلم) أنه ليس والد زيد، فسنفهم ما يقصده زيد بقوله (أبي) وأنه لا يعني (والدي الذي أنجبني).

لذلك أخطأ الذين جعلوا آزر (ليس) والد إبراهيم. وسبب خطأهم، أننا (لا) نعلم (من القرآن) أن آزر ليس والد إبراهيم. وبما أننا (لا) نعلم ذلك، فيجب أن نفهم أن آزر هو والد إبراهيم.

 

لكن لماذا بعض المفسرين جعلوا آزر ليس والد إبراهيم؟

أظن السبب الأقدم هو اعتقاد مذهبي[3] أو نظرية مذهبية تقول (أن بعض الأئمة يجب أن يخرجوا من أصلاب مؤمنة مسلمة). وبالتالي ترتب على ذلك أن الأنبياء أولى أن يخرجوا من أصلاب مؤمنة مسلمة. ولذلك اعتقدوا أن النبي إبراهيم لابد أنه خرج من صلب مؤمن مسلم. وبما أن آزر كافر (حسب القرآن)، فإذن لا يمكن عندهم أن يكون آزر هو والد إبراهيم[4].

وعلينا أن نتذكر أن كثيراً من الاعتقادات المذهبية لا أصل لها في القرآن. ولكن بعد أن يظهر ذلك الاعتقاد ويرسخ، يشرع معتنقوه بعدها بالبحث عن الأدلة عليه.

 

كيف حاولوا الاستدلال على ذلك؟

(1)

حاولوا أن يستدلوا بالآية الكريمة [وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) الشعراء]. فأرادوا أن يفهموا من الآية أن جميع أجداد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا ساجدين لله (مسلمين مؤمنين) [5]. بينما الفهم الأقرب للآية هو مثل [فتقلبه في الساجدين معناه: كونه فيما بينهم ومختلطا بهم حال القيام والركوع والسجود/ تفسير الرازي][6]. كما استدلوا أيضاً بأحاديث لتأييد المعنى الذي يريدونه.

 

(2)

اسم والد إبراهيم (حسب التوراة)[7]، هو تارح. والمفسرون عموماً صدقوا النص اليهودي وأجمع عليه النسابون[8] [تارخ اسم أبي إبراهيم بلا خلاف وأما آزر ففيه خلاف][9]، [اسمه بكلام قومه تارح][10]، [عن مجاهد قال: ليس"آزر"، أبا إبراهيم/ تفسير الطبري]، [عن ابن عباس .. إن أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزر، إنما كان اسمه تارح/ تفسير ابن أبي حاتم]،[ قال الفراء، والزجاج: ليس بين النسابين اختلاف أن اسم أبي إبراهيم تارح/ التفسير الوسيط للواحدي]، [قَالَ الْفراء، والزجاج: اسْم أَبِيه: تارخ، أجمع عَلَيْهِ النسابون/ تفسير السمعاني]

فاستعملوا مثل هذه النصوص التوراتية لنفي ولادة آزر (الكافر) لإبراهيم، وأن الوالد الحقيقي لإبراهيم هو تارح (الذي كأنهم جعلوه مؤمناً مسلماً).

ولا أفهم لماذا صدق أغلب المفسرين النص التوراتي[11]. فالتوراة (كما هي لدى اليهود) خالفت القرآن في أمور كثيرة، فلماذا لا تخالف في اسم والد إبراهيم؟ خاصة أن القرآن سمّاه باسم يختلف (آزر) عن اسمه الذي بالتوراة (تارح)[12].

 

(3)

واخترع بعضهم ادعاء أن العرب لا تقول (أبي فلان) إلا للعم [لو كان اباه الحقيقي لم يقل تعالى لأبيه آزر، لأن العرب لا تقول ابي فلان إلا للعم]. وقد ذكر نفس الكتاب أنهم ردوا على ذلك [وردّ بأن أكثر مخاطبة إبراهيم في القرآن با أبه فقط ولا يقال للعم ذلك بل يا أبه فلان][13]

وهذا الادعاء (أبي فلان للعم) هو خطأ، لأن هناك ظروفاً أخرى قد تجعلك تقول (أبي فلان)، وفلان هو والدك. فمثلاً قد تقول للذي لا يعرف أباك: (هذا أبي فلان). بل قد تقول: هذا (والدي) فلان. وذلك لأنك تريد أن تعرّف الذي تكلمه باسم أبيك. ونفس الأمر مع الأخ وغيره، فتقول: (هذا أخي فلان). فلعل القرآن أراد أن يعرّفنا باسم أبي إبراهيم أو لقبه (لعل القرآن أراد أن يبيّن من خلال ذكر اسم آزر أن والد إبراهيم من أشد المؤازرين للأصنام). كذلك ربما أراد القرآن أن يبين أن أهل الكتاب لا يعرفون اسم والد إبراهيم وأنه ليس تارح كما قالوا. وربما أراد القرآن أيضاً أن يختبر إيمان المؤمنين بالقرآن هل سيقولون (إبراهيم بن آزر) أم (إبراهيم بن تارح). فالقرآن كثيراً ما يذكر أسماء الأنبياء والمصطفين بطريقة تخالف ما لدى أهل الكتاب، مثل: عيسى (وليس يسوع)، طالوت (وليس شاول)، يحيى (وليس يوحنا)، يونس (وليس يونه)، قارون (وليس قورح)، وكذلك آزر (وليس تارح). وخالفهم القرآن في وجود اسم أبرام [سفر التكوين : 17: 1 ولما كان ابرام ابن تسع وتسعين سنة ظهر الرب لابرام .... 17: 5 فلا يدعى اسمك بعد ابرام بل يكون اسمك إبراهيم]، فذكر القرآن أن اسمه كان إبراهيم منذ صباه {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60)} [الأنبياء: 60].

وعلى كل حال كل الآيات (عدا آية لأبيه آزر) تقول (لأبيه) فقط، مثل:

وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ [التوبة/114]

إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ [الأنبياء/52]

إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ [الشعراء/70]، [الصافات/85]

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ [الزخرف/26]

إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ [الممتحنة/4]

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)} مريم

 

وكذلك مما يضعف زعمهم [أن العرب لا تقول (أبي فلان) عن الأب الحقيقي]، نجد القرآن يخالف هذا الزعم فيذكر الأب الحقيقي ويذكر اسمه، مثل:

كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاق [يوسف/6]

قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاق [البقرة/133]

 

 

(4)

الاستدلال بأبوة إسماعيل لأبناء يعقوب

أخطأ من جعل (أبوة) آزر لإبراهيم مثل (أبوة) إسماعيل لأبناء يعقوب [أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ (133) البقرة]. فهذه المساواة بين معنى هاتين (الأبوتين) لا تجوز. فبالنسبة لإسماعيل نحن (نعلم) من القرآن أن أبوته (لا) تعني الولادة، أي أننا (نعلم) من خلال القرآن أن إسماعيل (لم) ينجب أبناء يعقوب. وأما بالنسبة لآزر فنحن (لا) نعلم من القرآن أنه (ليس والد إبراهيم)، ولذلك يجب أن نفهم المعنى الافتراضي الطبيعي التلقائي لكلمة أب وهو (الوالد)، أي أن آزر هو والد إبراهيم. فلا يجوز المماثلة بين معنى أبوة (نعلم) أنها (ليست أبوة ولادة) كأبوة إسماعيل لأبناء يعقوب، وبين معنى أبوة (لا نعلم) أنها ليست أبوة ولادة كأبوة آزر لإبراهيم.

 

أمثلة قرآنية

مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ (78) الحج

كلمة الأب هنا (لا) تعني الوالد، لأننا نعلم أن إبراهيم لم يلد كل المسلمين.

النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (6) الأحزاب

كلمة الأم هنا (لا) تعني الوالدة، لأننا نعلم أن أزواج النبي لم يلدن المسلمين.

وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ (23) النساء

(علمنا) أن الأم هنا ليست بالولادة (وإنما بالرضاعة)، وكذلك الأخت ليست بالولادة.

يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ (28) مريم

مريم (أم عيسى) ليست أخت هارون (الرسول أخي موسى بزمن فرعون) من الولادة، وإنما هي أخته بمعنى هي مثله في التقوى والعبادة وصنوه وشبيهته. فاليهود اعتقدوا أن كهنة المعبد من نسل هارون[14]، ومريم عرفوها منذ ولادتها وهي في المعبد (المحراب).

فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ (5) الأحزاب

فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ (11) التوبة

فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ (178) البقرة

أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ (12) الحجرات

علمنا من الآيات السابقة أن الأخوة هنا ليست أخوة ولادة وإنما هي (في الدين) وغيره. وكذلك (أخوة) الأنبياء والرسل لأقوامهم، ليست أخوة ولادة وإنما بمعنى أنه ذلك الرسول هو من أولئك القوم (لا يستطبعون أن يزعموا أنه دخيل عليهم وأنه ليس منهم).

 

وقال الرازي في تفسيره [واعلم أن هذه التكلفات إنما يجب المصير إليها لو دل دليل باهر على أن والد إبراهيم ما كان اسمه آزر وهذا الدليل لم يوجد البتة، فأي حاجة تحملنا على هذه التأويلات].

 

معنى آزر

يبدو أن معنى آزر هو عكس معنى إبراهيم تماماً (انظر موضوع: معنى اسم إبراهيم). فاسم إبراهيم لقب لقبه به قومه لأنه كان دائماً (يبرأ) من الأصنام، فلقبوه بمعنى (الذي يبرأ من هم) وبلسانهم [(يبرأ هم) بدون حرف الجر (من)]، أو كما نطقوه (إبراهيم). فإبراهيم يعادي الأصنام ويحاربها ويبغضها. وأما اسم أبيه (آزر) فهو على العكس من اسم (إبراهيم). اسم آزر يبدو من المؤازرة، أي كأنه الذي يؤازر الأصنام[15] ويناصرها ويظاهرها ويحبها [قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) مريم]. فالأب والابن على النقيض تماماً. فموقفاهما من الأصنام متضاد: فهذا الابن يتبرأ ويبتعد ويترك ويتجنب، وذاك الأب يؤازر ويناصر ويؤيد ويعكف [يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) مريم/ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ (44) مريم]. فقوم إبراهيم لما رأوا والده شديد التعلّق واللصوق والإحاطة بالأصنام [آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً] لقبوه باسم معناه (الذي يؤازر) أو كما بلسانهم آزر. فإبراهيم (ضد) الأصنام، وآزر (مع) الأصنام. فسبحان الله الذي يخرج الحي من الميّت. فهذا آزر أكبر مؤازر للأصنام في قومه وربما في العالمين، أخرج الله من صلبه أكبر متبرأ من الأصنام وأعظم مَن يبرأ من كل عبادة لغير الله (أبا المسلمين إبراهيم عليه السلام).


[1] في التعريب والمعرب وهو المعروف بحاشية ابن بري:  قال أبو منصور وآزر اسم أبي إبراهيم قال أبو إسحاق ... والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر/ البداية والنهاية لابن كثير: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر }. هذا يدل على أن اسم أبي إبراهيم آزر..... وقال ابن جرير والصواب أن اسمه آزر/ الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم : لأن آزر والد إبراهيم عليه السلام كان كافرا عدو الله لم يصطفه الله تعالى إلا لدخول النار/ شرح تفسير ابن كثير: آزر والد إبراهيم الخليل يلقى ولده إبراهيم/ تفسير النيسابوري: ثم إن بظاهر الآية يدل على أن اسم والد ابراهيم هو آزر/ تفسير المنار: غفلوا عن أمر عظيم، وهو الحكمة والفائدة في الإكثار من التصريح بكفر والد إبراهيم في القرآن/ العين: آزر: اسم والدِ إبراهيمَ عليهِ السّلام/ تفسير السمعاني: قَالَ الْحسن: اسْمه: آزر لَا غير، كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْكتاب/ تفسير الرازي: ظاهر هذه الآية يدل على أن اسم والد إبراهيم هو آزر

[2] تفسير المنار: وأضعف ما قالوه في الجمع بين القولين أن آزر اسم عمه بناء على أن العرب تسمي العم أبا مجازا، وهذه الدعوى لا تصح على إطلاقها، وإنما يصح ذلك حيث توجد قرينة يعلم منها المراد، ولا قرينة هنا ولا في سائر الآيات التي ذكر فيها من غير تسمية

[3] البحر المحيط في التفسير: وقيل: إن آزر عم إبراهيم وليس اسم أبيه وهو قول الشيعة يزعمون أن آباء الأنبياء لا يكونون كفارا وظواهر القرآن ترد عليهم ولا سيما محاورة إبراهيم مع أبيه في غير ما آية

[4] تفسير الألوسي: والذي عول عليه الجم الغفير من أهل السنة أن آزر لم يكن والد إبراهيم عليه السلام وادعوا أنه ليس في آباء النبي صلّى الله عليه وسلّم كافر أصلا/ تفسير الرازي: قالت الشيعة: إن أحدا من آباء الرسول عليه الصلاة والسلام وأجداده ما كان كافرا وأنكروا أن يقال إن والد إبراهيم كان كافرا وذكروا أن آزر كان عم إبراهيم عليه السلام. وما كان والدا له

[5] تفسير الرازي: أن آباء الأنبياء ما كانوا كفارا ويدل عليه وجوه: منها قوله تعالى: الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين [الشعراء: 218، 219]. قيل معناه: إنه كان ينقل روحه من ساجد إلى ساجد وبهذا التقدير: فالآية دالة على أن جميع آباء محمد عليه السلام كانوا مسلمين. وحينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم عليه السلام كان مسلما.

[6] تفسير مقاتل بن سليمان: وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ» يعني صلاتك مع المصلين في جماعة/تفسير يحيى بن سلام : قَالَ: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} قَالَ قَتَادَةُ: فِي الصَّلاةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الصَّلاةِ وَحْدَكَ {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} فِي صَلاةِ الْجَمِيعِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ/ تفسير الطبري : وتقلبك في الساجدين قال: قيامه، وركوعه، وسجوده "/ تفسير ابن أبي حاتم: عن قتادة قوله: الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين قال: في الصلاة يراك وحدك ويراك في الجميع./ تفسير ابن كثير: قال قتادة: {الذي يراك حين تقوم. وتقلبك في الساجدين} قال: في الصلاة، يراك وحدك ويراك في الجمع. وهذا قول عكرمة، وعطاء الخراساني، والحسن البصري/ تفسير الثعالبي: وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قال ابن عباس وغيره: يريد أهل الصلاة، أي: صلاتك مع المصلّين/ [الدر المنثور: {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: قِيَامه وركوعه وَسُجُوده وجلوسه/ قَالَ: فِي الصَّلَاة يراك وَحدك ويراك فِي الْجَمِيع/ قَالَ: فِي الْمُصَلِّين/ يَقُول: قيامك وركوعك وسجودك/ قَالَ: يراك وَأَنت مَعَ الساجدين تقوم وتقعد مَعَهم]/ تفسير السعدي: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} أي: يراك في هذه العبادة العظيمة، التي هي الصلاة، وقت قيامك، وتقلبك راكعا وساجدا/ أضواء البيان: قال فيه بعض أهل العلم المعنى: وتقلبك في أصلاب آبائك الساجدين... وفي الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول، وهي قوله تعالى قبله مقترنا به: الذي يراك حين تقوم، فإنه لم يقصد به أن يقوم في أصلاب الآباء إجماعا، وأول الآية مرتبط بآخرها، أي: الذي يراك حين تقوم إلى صلاتك، وحين تقوم من فراشك ومجلسك، ويرى وتقلبك في الساجدين، أي: المصلين، على أظهر الأقوال ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - يتقلب في المصلين قائما، وساجدا وراكعا

[7] [التكوين/ 11: 27 ... ولد تارح ابرام/ 11: 31 واخذ تارح ابرام ابنه/ يشوع: 24: 2 تارح ابو إبراهيم/ أخبار الأيام الأول: 1: 26 ... تارح 1: 27 ابرام وهو إبراهيم/ انجيل لوقا: 3: 34 ... ابراهيم بن تارح]

[8] تفسير الطبري: أهل الأنساب إنما ينسبون إبراهيم إلى"تارح"/ معاني القرآن وإعرابه للزجاج:  وليس بين النسَّابِيَنِ خِلاف أن اسم أبي إِبراهيم " تارِح " والذي في القرآن يَدُل على أن: اسمه آزرُ/ تفسير الرازي: قال الزجاج: لا خلاف بين النسابين أن اسمه تارح/ تفسير الرازي: وأما قولهم أجمع النسابون على أن اسمه كان تارح. فنقول هذا ضعيف لأن ذلك الإجماع إنما حصل لأن بعضهم يقلد بعضا، وبالآخرة يرجع ذلك الإجماع إلى قول الواحد والاثنين مثل قول وهب وكعب وغيرهما، وربما تعلقوا بما يجدونه من أخبار اليهود والنصارى، ولا عبرة بذلك في مقابلة صريح القرآن.

[9] في التعريب والمعرب وهو المعروف بحاشية ابن بري:  قال ابن بري أهل الأثر لا يقولون إلا هاران بن تارخ لأن تارخ اسم أبي إبراهيم بلا خلاف وأما آزر ففيه خلاف

[10] تفسير مقاتل بن سليمان: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ اسمه بكلام قومه تارح

[11] تفسير المنار: ومن الغريب أن نرى أكثر المفسرين والمؤرخين اللغويين منا يقولون: إن اسمه " تارخ " ... ونقل عن الزجاج والفراء أنه ليس بين النسابين والمؤرخين اختلاف في كون اسمه تارخ أو تارح. ولا نعرف لهذه الأقوال أصلا مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا منقولا عن العرب الأولين، وإنما هو منقول فيما يظهر عمن دخل في الإسلام من أهل الكتاب، كوهب بن منبه، وكعب الأحبار اللذين أدخلا على المسلمين كثيرا من الإسرائيليات، فتلقوها بالقبول على علاتها.

[12] تفسير الخازن: والصحيح هو الأول أن آزر اسم لأبي إبراهيم لأن الله تعالى سماه به وما نقل عن النسابين والمؤرخين أن اسمه تارح ففيه نظر لأنهم إنما نقلوه عن أصحاب الأخبار وأهل السير من أهل الكتاب ولا عبرة بنقلهم. وقد أخرج البخاري في أفراده من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يلقى إبراهيم عليه السلام أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة» الحديث فسماه النبي صلى الله عليه وسلم آزر أيضا ولم يقل أباه تارخ فثبت بهذا أن اسمه الأصلي آزر لا تارخ والله أعلم.

[13] مخطوطة روضة الألباب و تحفة الأحباب و بغیة الطلاب و نخبة الأحساب لمعرفة الأنساب- محمد بن عبدالله بن علي بن الحسین المتوکل المؤیدي: تارخ وهو آزر أبو إبراهيم، وآزر لقب له، وقيل بل هو عمه، إذ لو كان اباه الحقيقي لم يقل تعالى لأبيه آزر، لأن العرب لا تقول ابي فلان إلا للعم دون الأب الحقيقي وردّ بأن أكثر مخاطبة إبراهيم في القرآن با أبه فقط ولا يقال للعم ذلك بل يا أبه فلان]

[14] الخروج 30: 30 و تمسح هرون و بنيه و تقدسهم ليكهنوا لي

[15] تفسير القرطبي: وقال الجوهري: آزر اسم أعجمي، وهو مشتق من آزر فلان فلانا إذا عاونه، فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام/ الأنس الجليل: دخل آزر على الْأَصْنَام وَكَانَ هُوَ الْقيم لَهَا/ نزهة المجالس ومنتخب النفائس: فأخبر آزر بذلك فقال هذا من كثرة عبادتي للأصنام وخدمتي لهم


حامد العولقي