نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

Untitled 1

العدد سبعة في اللغة يفيد الكثرة

 اللغة العربية لا تستعمل جذر سبع في المعنى الشائع وهو الرقم والعدد المعروف فحسب، بل أيضاً في معاني الكثرة والوفرة والتمام والمبالغة والوفاء والنهاية والكمال. فمعنى الآية (سبعاً من المثاني)، هو أن المثاني بالقرآن (كثيرة، وفيرة، مضاعفة، تامة، كاملة، وافية، بلغت الغاية والنهاية والحد). فالمعنى من كلمة (سبعاً)، هو أن القرآن قد أُشبع شرحه وتوضيحه (= مثانيه) إشباعاً وأُسبغ إسباغاً.


 العدد سبعة في اللغة يفيد الكثرة والتمام والكمال

التضعيف والتكثير

تهذيب اللغة : والعرب تصنع التسبيع موضع التضعيف وإن جاوز السبع

مشارق الأنوار : وَالْعرب تضع التسبيع مَوضِع التكثير والتضعيف وَإِن جَاوز عدده

تاج العروس :  والسبعون: عدد، ... والعرب تضعها موضع التضعيف والتكثير.

الفاخر للمفضل:  وإنما قيل سَبْعة لأنه أكثر ما يستعملون من العدد في كلامهم، من ذلك سبع سماوات، وسبع أرضين، وسبعة أيام.

غريب الحديث للخطابي :  والتّسبيع التّضْعيف والعرب تَقُولُ سبَّع الله لك الأجْرَ أي ضاعَفَه.... هو من باب تكثير العدد وتضعيفه

الفائق في غريب الحديث : وَكَأن ذَلِك من السَّبع لِأَن هَذَا الْعدَد يسْتَعْمل فِي الْكَثْرَة.

التحرير والتنوير : والسبعة: تستعمل في الكناية عن الكثرة كثيرا كقول النبيء صلى الله عليه وسلم: «والكافر يأكل في سبعة أمعاء»

البرهان في علوم القرآن : قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة} وقوله {سبعون ذراعا} قالوا المراد بها الكثرة

روح البيان : وهذا كما يقول القائل لو سألتنى حاجتك سبعين مرة لم اقضها لا يريد انه إذا زاد على السبعين قضى حاجته فالمراد التكثير لا التحديد

البحر المحيط في التفسير : وقال بعضهم: وإنما خلق السموات سبعا، لأن السبعة والسبعين فيه دلالة على تضاعيف القوة والشدة، كأنه ضوعف سبع مرات. ومن شأن العرب أن يبالغوا بالسبعة والسبعين من العدد، لما في ذكرها من دليل المضاعفة. قال تعالى: ذرعها سبعون ذراعا ، إن تستغفر لهم سبعين مرة ، والسبعة تذكر في جلائل الأمور: الأيام سبعة، والسموات سبع، والأرض سبع، والنجوم التي هي أعلام يستدل بها سبعة... والبحار سبعة، وأبواب جهنم سبعة.

البحر المحيط في التفسير : وابن الأعرابي عن العرب: سبع الله لك الأجر، أي: أكثر، أرادوا التضعيف ...  في قوله تعالى: سبعين مرة هو جمع السبع الذي يستعمل للكثرة

غرائب التفسير - الكرماني  : (سبعة أبحر) يريد به الكثرة، لا سبع العدد

غرائب التفسير - الكرماني (المتوفى: نحو 505هـ): : وأما اللغة فإن السبع يذكر والمراد به الكثرة، لا العدد الذي فوق الست ودون الثمان، روى أبو عمرو وابن الأعرابي عن العرب. سبع الله لك الأجر، أي أكثر لك أراد التضعيف

تفسير القاسمي : العرب تستعمل لفظ سبع، وسبعين، وسبعمائة للمبالغة في الكثرة. فالعدد إذن غير مراد. ومنه آية سبع سنابل [البقرة: 261] وآية والبحر يمده من بعده سبعة أبحر [لقمان: 27] وآية سبعين مرة [التوبة: 80]

تفسير ابن جزي : واندرجت هذه الوجوه الكثيرة في القراءة في تعبير «الأحرف السبعة» الواردة في الحديث، أريد بها التعدد والكثرة لا تحديد العدد سبعة.

التفسير والمفسرون - محمد حسين الذهبي: سبعة أبحر ...، نجده بعد أن يبين أن عدد السبعة فى الآية مراد به الكثرة يقول: "وعلى هذا يمكن أن يقال فى أبواب النار، ..."وكذلك يقال فى السموات السبع، والأرضين السبع، والعرب تذكر السبعة للكثرة، وتذكر السبعين للكثرة كذلك، ومنه: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: 80] ، ومن المعلوم أن الله لا يغفر لهم فى السبعين، ولا فى السبعة الآلاف، ونظيره: {في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه} [الحاقة: 32] يراد فى سلسلة طويلة هائلة، ولا يراد التقدير بهذا العدد".

تفسير الرازي : قوله: يمده من بعده سبعة أبحر ...  وقوله: سبعة ليس لانحصارها في سبعة، وإنما الإشارة إلى المدد والكثرة ولو بألف بحر، والسبعة خصصت بالذكر من بين الأعداد، لأنها عدد كثير يحصر المعدودات في العادة، ...  فصارت السبعة كالعدد الحاصر للكثرات الواقعة في العادة فاستعملت في كل كثير ...  السبعة القسم الأكثر، فإذا أريد بيان الكثرة ذكرت السبعة...  إذا ثبت هذا فنقول قوله عليه السلام: «المؤمن يأكل في معى والكافر يأكل في سبعة أمعاء» إشارة إلى قلة الأكل وكثرته من غير إرادة السبعة بخصوصها، ويحتمل أن يقال إن لجهنم سبعة أبواب بهذا التفسير، ..  لأن العدد بالسبعة يتم في العرف، ...

  

 المبالغة وبلوغ الغاية

المحيط في اللغة - الصاحب بن عباد : " لأعْمَلَنً به عَمَلَ سَبْعَةٍ "، أرِيْدَ به المُبَالَغَةُ في الشر/العين : لأعملن بفلان عمل سَبْعَة يعني المبالغة وبلوغ الغاية في الشرّ./تاج العروس : لأعملن بفلان عمل سبعة. أرادوا المبالغة وبلوغ الغاية.

تفسير الرازي :  السبعة عند العرب أصل في المبالغة في العدد

النكت في القرآن الكريم : ومن شأن العرب أن تبالغ بالسبعة والسبعين من العدد.

أحكام القرآن لابن العربي : وفي الأمثال: أخذه أخذة سبعة أي: غاية الأخذ، على أحد التأويلات

نظم الدرر : والمراد بالسبعين على ما ظهر في المآل المبالغة ...  والعرب تبالغ بما فيه لفظ السبعة لأنها غاية مستقصاة جامعة لأكثر أقسام العدد، وهي تتمة عدد الخلق كالسماوات والأرض والبحار والأقاليم والأعضاء.

تفسير النيسابوري : وقد يقال: إن لعدد السبعة عند العرب تداولا على الألسنة في مظان المبالغة

تفسير ابن كثير : [سَبْعَةُ أَبْحُرٍ (27)} لقمان]، ... وإنما ذكرت السبعة على وجه المبالغة، ولم يرد الحصر ولا أن ثم سبعة أبحر موجودة محيطة بالعالم

  

التمام

تاج العروس : وذلك أن السبع من الأعداد التامة.

أساس البلاغة – الزمخشري: ورجل سباعيّ البدن: تامه/ اللسان: سُباعِيُّ البَدَن أَي تامُّ البدن/تاج العروس : ناقة سباعية ورجل سباعي البدن كذلك، أي تامه.

نظم الدرر : السبعة التي هي العدد التام

تفسير الألوسي : سبعة أبحر ...  والمراد بالسبعة الكثرة بحيث تشمل المائة والألف مثلا لا خصوص العدد المعروف كما في قوله عليه الصلاة والسلام: «المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء» واختيرت لها لأنها عدد تام

تفسير الرازي : ويحتمل أن يقال إن لجهنم سبعة أبواب بهذا التفسير، ..  لأن العدد بالسبعة يتم في العرف، ...

 

 

الكمال

إيجاز البيان - النيسابوري: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً: على المبالغة دون التقدير لأنّ السبعة أكمل الأعداد لجمعها معاني العدد.

عمدة القاري شرح صحيح البخاري : الْعَرَب تسْتَعْمل السّبْعين كثيرا فِي بَاب الْمُبَالغَة، وَزِيَادَة السَّبع عَلَيْهَا الَّتِي عبر عَنْهَا بالبضع لأجل أَن السَّبْعَة أكمل الْأَعْدَاد.

تفسير أبي السعود : وقد شاع استعمالُ السبعةِ والسبعين والسبعِمائةِ في مطلق التكثيرِ لاشتمال السبعة على جملة أقسام العددِ فكأنها العددُ بأسره وقيل هي أكملُ الأعدادِ لجمعها معانيَها

تفسير الرازي : السبعة عدد كامل

حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي : السبعة أكمل الاعداد ... السبعة عدد كامل جامع لأنواع العدد كله

مباحث في علوم القرآن لمناع القطان : وذهب بعضهم إلى أن العدد سبعة لا مفهوم له، وإنما هو رمز إلى ما أَلِفَه العرب من معنى الكمال في هذا العدد، فهو إشارة إلى القرآن في لغته وتركيبه كأنه حدود وأبواب لكلام العرب كله مع بلوغه الذروة في الكمال، فلفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة والكمال في الآحاد، كما يُطلق السبعون في العشرات، والسبعمائة في المائتين، ولا يُراد العدد المعيَّن.

  

النهاية وبلوغ الحد

تفسير الشعراوي : وكانت السبعة دائماً هي نهاية العدد عند العرب

 

  

جذور مشابهة لجذر سبع في اللفظ والمعنى 

قد يكون جذر سبع من نفس أصل جذري سبغ وشبع، فالألفاظ متقاربة وكذلك المعاني.

 

سبغ 

مجمل اللغة لابن فارس : سبغ: أسبغ وضوءه: أتمه .... وشيء سابغ: كامل.

مقاييس اللغة : (سبغ) ... يدل على تمام الشيء وكماله.

المعجم الوسيط : (سبغ) : الشَّيْء سبوغا تمّ وَطَالَ واتسع

بصائر ذوي التمييز : وسَبَغَ سُبُوغا: طال إِلى الأَرض، والنعمةُ: اتَّسعت. وقوله تعالى: {أَنِ اعمل سَابِغَاتٍ} ، أَى دروعاً تامّاتٍ طويلات. وقوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} ، أَى أَتمَّها وأكملها. وأسبغ الوضوءَ: أَبلغه مواضعه ووفَّى كلّ عضو حقَّه.

 

 

شبع

القاموس المحيط : وامرأة شبعى الذراع: ضخمته،... وثوب شبيع الغزل، كأمير: كثيره. ورجل شبيع العقل، ومشبعه، بفتح الباء: وافره، شبع عقله، ككرم. وحبل شبيع: كثير الشعر أو الوبر....وأشبعه: وفره.

تاج العروس : أشبعه، أي وفره، وكل ما وفرته فقد أشبعته ... التشبع: التكثر

 

 

حامد العولقي