نشوء البيان

دراسات قرآنية لغوية تاريخية آثارية

Untitled 1

معنى اسم داود

 

وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ (79)  الأنبياء

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ (10) سبأ

وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) ص

 

يبدو أن كلمات الآيات الكريمة تتضمن معنى اسم نبي الله داود عليه السلام، إذ نلاحظ فيها هذه الكلمات: (يُسَبِّحْنَ)، (أَوِّبِي)1، (إِنَّهُ أَوَّابٌ)2، (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ)3. والتأويب من معانيه التسبيح4، أو أن هذا التأويب (الترجيع والترديد والمجاوبة)5 متعلق ومرتبط بتسبيح داود. فقد يكون معنى اسم داود هو (المسبّح)، أي الذي ينزّه الله ويقدّسه ويعظّمه ويمجّده ويوقّره ويمدحه6 ويثني عليه ويناجيه ويذكره كثيراً.

ولولا الآيات القرآنية التي وصفت حال داود لما ربطنا لغوياً بين التسبيح وبين معنى اسم داود. فجذر اسم داود غير واضح اشتقاقه في العربية، لقدمه أو لِعُجْمَتِه. كما أن اللغة العبرية (كنعانية إسرائيل) أخفقت في اشتقاق اسم داود. ولذلك ربما كان اشتقاق اسم داود من خلال اللغة المصرية القديمة (الجذر المصري القديم: دوأ)، وسنخصص لهذا بحثاً آخر إن شاء الله.



[1] تفسير الطبري : (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) قال: سبحي/ لسان العرب :وَمَعْنَى أَوِّبي سَبِّحي مَعَ دَاوُدَ/ معانى القرآن للأخفش : {ياجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} فهو كما يذكرون التسبيح
[2] تفسير الطبري (إِنَّهُ أَوَّابٌ) قال: المسبح.
[3] معاني القرآن وإعرابه للزجاج : (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) ص. كانت الجبال تُرَجَع التسبيح، وكانت الطير كذلك، فيجُوز أن تكون الهَاءُ للَّهِ - جلَّ وعزَّ - أي كل للَّهِ مسبح، الطير والجبال وَدَاودُ يسبحون للَّهِ عز وجل، ويرجعون التسبيح. ويجوز - واللَّه أعلم - أن يكون (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) كل يُرَجعْنَ التسبيح مع داود، يُجِبْنَهُ، كلما سبح سبحت الجبال والطير معه.
[4] مقاييس اللغة لابن فارس: وَالتَّأْوِيبُ: التَّسْبِيحُ / تهذيب اللغة للأزهري: الأوّاب: المُسبِّح.
[5] تفسير ابن كثير : فَإِنَّ التَّأْوِيبَ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّرْجِيعُ، فَأُمِرَتِ الْجِبَالُ وَالطَّيْرُ أَنْ تُرَجِّعَ مَعَهُ بِأَصْوَاتِهَا/ تفسير ابن كثير : وَذَلِكَ لِطِيبِ صَوْتِهِ بِتِلَاوَةِ كِتَابِهِ الزَّبُورِ، وَكَانَ إِذَا تَرَنَّم بِهِ تَقِفُ الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ، فَتُجَاوِبُهُ، وتَرد عَلَيْهِ الْجِبَالُ تَأْوِيبًا/ تاج العروس : يَا جبال أَوِّبِي مَعَه، أَي رَجِّعِي التَّسْبِيحَ مَعَه، وقرِىءَ (أُوبِي) أَي عُودِي مَعَهُ فِي التَّسْبِيح كُلَّمَا عَادَ فِيهِ/ الكليات - أبو البقاء: {أوبي مَعَه} : رَجْعِيّ مَعَه/ فتح المتعال - حمد الصعيدي الْمَالِكِي : فالإِياب الرُّجُوع، وَمِنْه {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} 1 أَي رجّعي بِصَوْت التَّسْبِيح مَعَه/ لسان العرب : فَمَنْ قرأَ أَوِّبِي مَعَهُ، فَمَعْنَاهُ يَا جِبالُ سَبِّحي مَعَهُ وَرَجِّعي التَّسْبيحَ، ... وَمَنْ قرأَ أُوبِي مَعَهُ، فَمَعْنَاهُ عُودي مَعَهُ فِي التَسْبيح كُلَّمَا عادَ فِيهِ. والمَآبُ: المَرْجِعُ.
[6] تاريخ دمشق لابن عساكر : سمعت أنس بن مالك يقول إن داود نبي الله ظن في نفسه أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه

حامد العولقي